(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

السبت، يناير 30، 2016

الفاروق عمر بن الخطاب

        الحمد لله رب العالمين، واصلي واسلم على النبي المبعوث رحمة للعالمين، ورضي الله عن صحابته أجمعين وبعد:
        فإن الإسلام قد رفع أقواما ووضع آخرين، رفع الذين اتبعوا الحق، وقبلوا الهدى، وساروا على النهج المستقيم الذي شرعه الله لعباده، ووضع الذين اتبعوا الباطل، ورفضوا الهدى وما جاء به رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، وتركوا شريعة الله، وحادوا عن جادة الصواب، ومشوا وفق أهوائهم فضلوا وأضلوا.


        لم يكن عمر بن الخطاب في الجاهلية سوى رجل مغمور فظّ، غليظ القلب، يسعى وراء إبل أبيه الذي يراقبه في كل عمل يقوم به، يضربه إذا قصّر، ويزجره إذا أهمل، لا يبالي إن كان ذلك وهو وحده أم كان أمام نفر من قريش، ولم يكن ذاك الأب سوى رجل قاسي القلب، بشع الطباع، صعب المراس، خشن المعاملة، على من يعيل.
        لم يكن الخطاب سيدا في قومه، ولا ذا مكانة في عشيرته، ولا صاحب وجاهة في قريش حتى يكون ابنه عمر زعيما معروفا وسيدا مطاعا، وإنما كان رجلا عاديا تماما.
        فلما دخل عمر بن الخطاب إلى الإسلام، رفعه الإسلام وعزّه، وتحولت قساوة قلبه إلى قوة وشجاعة، وتحرك تفكيره، وتفتقت عبقريته، فغدا من أوائل الرجال، ذا فكر صائب وعقل راجح، ومواقف يشهد له بها، وأصبح أخيرا أميرا للمؤمنين، أمير أكبر أمة، وقائد أعظم دولة، سارع بها نحو الخير، ومشى بها نحو المجد، كانت أعماله إنسانية، وأقواله حكمة، وقيادته مثلا رائعا للآخرين، ولم يكن هذا بالنسبة للمسلمين فحسب بل لكل من يريد أن يقود أمته على الطريق الصحيح.
        وسنتكلم في هذا البحث عن "الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه " حيث قسمت البحث إلى أربعة مباحث، على النحو الآتي:
المبحث الأول: عمر بن الخطاب قبل الإسلام، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: نسبه وتاريخ ميلاده.
أما نسبه: فهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي[1].
وأما تاريخ ميلاده: يقول النووي: "ولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، و كان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم، أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيرا أي رسولا وإذا نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافرا، أو مفاخرا"[2].
المطلب الثاني: صفته.
عن زر قال: خرجت مع أهل المدينة في يوم عيد، فرأيت عمر يمشي حافيا شيخا أصلع، آدم أعسر طوالا، مشرفا على الناس، كأنه على دابة قال الواقدي: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة فإنه كان تغير لونه حين أكل الزيت[3].
وعن ابن عمر أنه وصف عمر فقال: رجل أبيض تعلوه حمرة طوال أصلع أشيب، وعن ابن عمير قال: كان عمر يفوق الناس طولا، وعن أبي رجاء العطاردي قال: كان عمر رجلا طويلا، جسيما، أصلع، أبيض، شديد حمرة العينين، في عارضه خفة، سبلته كثيرة الشعر في أطرافها صهبة، وكان قليل الضحك لا يمازح أحدا مقبلا على شأنه[4].
المبحث الثاني: عمر بن الخطاب بعد دخوله للإسلام وقبل خلافته، وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: الأخبار الواردة في إسلامه.
1- عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: {اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ}[5].
2-   عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: {اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً}[6].
3-  عن شريح بن عبيدة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَقَرَأَ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ) قَالَ: قُلْتُ: كَاهِنٌ، قَالَ  (وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ)[7] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ: فَوَقَعَ الإِسْلامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ}[8].
المطلب الثاني: تاريخ دخوله للإسلام.
أسلم عمر بن الخطاب في السنة السادسة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم  وله سبع وعشرون سنة، وأسلم قديما بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، وقيل: بعد تسعة وثلاثين رجلا وثلاث وعشرين امرأة، وقيل: بعد خمسة وأربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، فما هو إلا أن أسلم فظهر الإسلام بمكة، وفرح به المسلمون، وهو أحد السابقين الأولين، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد أصهار رسول الله   صلى الله عليه وسلم ، وأحد كبار علماء الصحابة وزهادهم[9].
المطلب الثالث: قصة إسلامه[10].
عن أنس رضي الله عنه قال: خرج عمر متقلدا سيفه، فلقيه رجل من بني زهرة فقال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف تأمن من بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟ فقال: ما أراك إلا قد صبأت، قال: أفلا أدلك على العجب، إن ختنك وأختك قد صبآ وتركا دينك، فمشى عمر فأتاهما وعندهما خباب، فلما سمع بحس عمر توارى في البيت فدخل فقال: ما هذه الهيمنة؟ و كانوا يقرؤون "طه" قالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد صبأتما، فقال له خنته: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، فوثب عليه عمر فوطئه وطأ شديدا، فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها فنفحها نفحة بيده فدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: وإن كان الحق في غير دينك، إني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده ورسوله، فقال عمر: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه، وكان عمر يقرأ الكتاب، فقالت أخته: إنك نجس وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، أو توضأ فقام فتوضأ، ثم أخذ الكتاب فقرأ "طه" حتى انتهى إلى: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)،[11] فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر خرج فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم  لك ليلة الخميس {اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمرو بن هشام }، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم  في أصل الدار التي في أصل الصفا، فانطلق عمر حتى أتى الدار وعلى بابها حمزة، وطلحة،وناس فقال حمزة: هذا عمر إن يريد الله به خيرا يسلم، وإن يريد غير ذلك يكن قتله علينا هينا، قال: والنبي صلى الله عليه وسلم  دخل يوحى إليه فخرج حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبد الله ورسوله.
وفي رواية أخرى عن أسلم قال: قال لنا عمر: كنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم    فبينا أنا في يوم حار بالهاجرة في بعض طريق مكة، إذ لقيني رجل فقال: عجبا لك يا ابن الخطاب إنك تزعم أنك وأنك وقد دخل عليك الأمر في بيتك، قلت: وما ذاك؟ قال: أختك قد أسلمت، فرجعت مغضبا حتى قرعت الباب، قيل: من هذا ؟ قلت: عمر، فتبادروا فاختفوا مني وقد كانوا يقرؤون صحيفة بين أيديهم تركوها ونسوها، فقامت أختي تفتح الباب فقلت: يا عدوة نفسها أصبأت؟ و ضربتها بشيء كان في يدي على رأسها فسال الدم وبكت فقالت: يا ابن الخطاب ما كنت فاعلا فافعل فقد صبأت، قال: ودخلت حتى جلست على السرير فنظرت إلى الصحيفة فقلت: ما هذا؟ ناولينيها قالت: ليست من أهلها إنك لا تطهر من الجنابة وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون، فما زلت بها حتى ناولتنيها ففتحها فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت باسم من أسماء الله تعالى ذعرت منه فألقيت الصحيفة، ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها فإذا فيها: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض}، فذعرت فقرأت إلى {آمنوا بالله ورسوله} فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، فخرجوا إلي مبادرين وكبروا وقالوا: أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم  دعا يوم الاثنين فقال: {اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: إما أبو جهل بن هشام وإما عمر}، ودلوني على النبي صلى الله عليه وسلم  في بيت بأسفل الصفا فخرجت حتى قرعت الباب فقالوا: من؟ قلت: ابن الخطاب وقد علموا شدتي على رسول صلى الله عليه وسلم  فما اجترأ أحد بفتح الباب، حتى قال صلى الله عليه وسلم : {افتحوا له، ففتحوا لي فأخذ رجلان بعضدي حتى أتيا بي النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: خلوا عنه ثم أخذ بمجامع قميصي وجذبني إليه ثم قال: أسلم يا ابن الخطاب اللهم أهده فتشهدت فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة و كانوا مستخفين} فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب ويضرب إلا رأيته ولا يصيبني من ذلك شيء فجئت إلى خالي أبي جهل بن هشام وكان شريفا فقرعت عليه الباب فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب وقد صبأت، فقال: لا تفعل ثم دخل وأجاف الباب دوني فقلت: ما هذا بشيء، فذهبت إلى رجل من عظماء قريش فناديته فخرج إلي فقلت له مثل مقالتي لخالي وقال لي مثل ما قال خالي فدخل وأجاف الباب دوني فقلت ما هذا بشيء، إن المسلمين يضربون وأنا لا أضرب فقال لي رجل: أتحب أن يعلم بإسلامك؟ قلت: نعم قال: فإذا جلس الناس في الحجر فأت فلانا لرجل لم يكن يكتم السر فقال بينك وبينه: إني قد صبأت فإنه قل ما يكتم السر، فجئت وقد اجتمع الناس في الحجر فقلت فيما بيني وبينه: إني قد صبأت فبادروا إلي فما زلت أضربهم ويضربونني واجتمع علي الناس فقال خالي: ما هذه الجماعة؟ قيل: عمر قد صبأ فقام على الحجر فأشار بكمه ألا إني قد أجرت ابن أختي فتكشفوا عني فكنت لا أشاء أن أدري أحدا من المسلمين يضرب و يضرب إلا رأيته فقلت: ما هذا بشيء قد يصيبني فأتيت خالي فقلت: جوارك رد عليك فما زلت أضرب و أضرب حتى أعز الله الإسلام.
المطلب الرابع: هجرته إلى المدينة المنورة.
عن علي رضي الله عنه قال: ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا، إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما،وأتى الكعبة وأشراف قريش بفنائها، فطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة، فقال: شاهت الوجوه، من أراد أن تثكله أمه، وييتم ولده، وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي، فما تبعه منهم أحد[12].
المطلب الخامس: موافقات عمر رضي الله عنه للقرآن.
عن مجاهد قال: كان عمر رضي الله عنه يرى الرأي فينزل به القرآن، وعن علي رضي الله عنه قال: إن في القرآن لرأيا من رأي عمر، وعن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر إلا جاء القرآن بنحو ما يقول عمر[13].
وقد أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين، فمنها على النحو الآتي:
الخصال الثلاث الأولى: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: {وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاَثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)[14]، وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)[15], فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ}[16].
الخصلة الرابعة: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ عُمَرُرضي الله عنه: {وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ}[17]، ففي هذا الحديث خصلة رابعة وهي: أسارى بدر.
الخصلة الخامسة: في تحريم الخمر، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِرضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ[18]) الْآيَةَ، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)[19] فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ، فَدُعِيَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)[20]  قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا}[21].
الخصلة السادسه: أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: {نزلت هَذِه الْآيَة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم : (وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين) إِلَى قَوْله (ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر)، قَالَ عمر رضي الله عنه (فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ)[22] فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا ختمت بِالَّذِي تَكَلَّمت يَا عمر}[23].
الخصلة السابعة: قصة عبد الملك بن أبي: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ، جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  قَمِيصَهُ، فَقَالَ: آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ، فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، قَالَ: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً، فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)[24]، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْر)[25][26].
  وللمزيد من الاطلاع على موافقات عمر رضي الله عنه للقران الكريم راجع كتاب "تاريخ الخلفاء" للإمام السيوطي صفحة (98).
المطلب السادس:عدد الأحاديث التي رواها.
روي له عن رسول الله   صلى الله عليه وسلم   خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثا، روى عنه: عثمان بن عفان، وعلي، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، وأبو ذر، وعمر بن عبسة، وابنه عبد الله، وابن العباس، وابن الزبير، وأنس، وأبو هريرة، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأبو سعيد الخدري، وخلائق آخرون من الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم[27].
المطلب السابع: تسميته بالفاروق.
"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سألت عمر رضي الله عنه: لأي شيء سميت الفاروق؟ فقال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام فخرجت إلى المسجد فأسرع أبو جهل إلى النبي صلى الله عليه وسلم  يسبه فأخبر حمزة فأخذ قوسه وجاء إلى المسجد إلى حلقة قريش التي فيها أبو جهل فاتكأ على قوسه مقابل أبي جهل فنظر إليه فعرف أبو جهل الشر في وجهه فقال: مالك يا أبا عمارة؟ فرفع القوس فضرب به أخدعه فقطعه فسالت الدماء فأصلحت ذلك قريش مخافة الشر قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم  مختف في دار الأرقم المخزومي فانطلق حمزة فأسلم فخرجت بعده بثلاثة أيام فإذا فلان المخزومي فقلت له: أرغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد؟ فقال: إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني قلت: ومن هو؟ قال: أختك وختنك فانطلقت فوجدت الباب مغلقا وسمعت همهمة ففتح لي الباب فدخلت فقلت: ما هذا الذي أسمع عندكم؟ قالوا: ما سمعت شيئا فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأسي ختني فضربته ضربة فأدميته فقامت إلى أختي فأخذت برأسي وقالت: قد كان ذلك على رغم أنفك فاستحيت حين رأيت الدماء فجلست وقلت: أروني هذا الكتاب فقالت: إنه لا يمسه إلا المطهرون فقمت فاغتسلت فأخرجوا إلي صحيفة فيها {بسم الله الرحمن الرحيم} فقلت: أسماء طيبة طاهرة (طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) إلى قوله: (لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)[28] قال: فتعظمت في صدري وقلت: من هذا فرت قريش فأسلمت و قلت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: فإنه في دار الأرقم فأتيت الدار فضربت الباب فاستجمع القوم فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر، قال: وإن كان عمر افتحوا له الباب فإن أقبل قبلنا منه وإن أدبر قتلناه، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم    فخرج فتشهد عمر فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل مكة قلت: يا رسول الله ألسنا على حق؟ قال: بلى، قلت: ففيم الإخفاء  فخرجنا صفين أنا في أحدهما وحمزة في الآخر حتى دخلنا المسجد، فنظرت قريش إلي وإلى حمزة فأصابتهم كآبة شديدة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم  الفاروق يومئذ لأنه أظهر الإسلام و فرق بين الحق و الباطل".[29]
المبحث الثالث: عمر بن الخطاب أثناء خلافته، وفيه خمسة طالب:
المطلب الأول: تاريخ دخوله للخلافة.
ولي الخلافة بعهد من أبي بكررضي الله عنه في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، قال الزهري: استخلف عمر يوم توفي أبو بكر –رضي اللع عنه وهو يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة[30].
المطلب الثاني: تسميته بأمير المؤمنين.
عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة: {لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُكْتَبُ مِنْ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، ثُمَّ كَانَ عُمَرُ يَكْتُبُ أَوَّلًا مِنْ خَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ  فَمَنْ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ  قَالَ: حَدَّثَتْنِي الشِّفَاءُ  وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأَوَّلُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى عَامِلِ الْعِرَاقِ بِأَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ جَلَدَيْنِ يَسْأَلُهُمَا عَنِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِهِ، فَبَعَثَ عَامَلُ الْعِرَاقِ بِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِينَةَ أَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُمَا بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَا: اسْتَأْذِنْ لَنَا يَا عَمْرُو عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عَمْرٌو: أَنْتُمَا وَاللَّهِ أَصَبْتُمَا اسْمُهُ هُوَ الْأَمِيرُ وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ، فَوَثَبَ عَمْرٌو فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الِاسْمِ يَا ابْنَ الْعَاصِ، رَبِّي يَعْلَمُ لَتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ، قَالَ: إِنَّ لَبِيدَ بْنَ رَبِيعَةَ وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَدِمَا فَأَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَا عَلَيَّ فَقَالَا لِي: اسْتَأْذِنْ لَنَا يَا عَمْرُو عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُمَا وَاللَّهِ أَصَابَا اسْمَكَ، نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَنْتَ أَمِيرُنَا، قَالَ: فَمَضَى بِهِ الْكِتَابُ مِنْ يَوْمَئِذٍ}[31].
وقيل: سماه بهذا الاسم عدي بن حاتم و لبيد بن ربيعة حين وفدا عليه من العراق وقيل: سماه به المغيرة بن شعبة وقيل: إن عمر قال للناس: أنتم المؤمنين وأنا أميركم فسمي أمير المؤمنين و كان قبل ذلك يقال له: خليفة خليفة رسول الله فعدلوا عن تلك العبارة لطولها[32].
المطلب الثالث: كثرت الفتوح في خلافته[33]؟
   ففي سنة أربع عشرة: فتحت دمشق ما بين صلح وعنوة وحمص وبعلبك صلحا والبصرة والأبلة كلاهما عنوة، وفيها جمع عمر الناس على صلاة التراويح.
   وفي سنة خمس عشرة: فتحت الأردن كلها عنوة إلا طبرية فإنها فتحت صلحا وفيها كانت وقعة اليرموك والقادسية، قال ابن جرير: وفيها مصر سعد الكوفة وفيها فرض عمر الفروض ودون الدواوين وأعطى العطاء على السابقة.
   وفي سنة ست عشرة: فتحت الأهواز والمدائن وأقام بها سعد الجمعة في إيوان كسرى وهي أول جمعة جمعت بالعراق وذلك في صفر وفيها كانت وقعة جلولاء وهزم فيها يزدجرد بن كسرى وتقهقر إلى الري وفيها فتحت تكريت وفيها سار عمر ففتح بيت المقدس وخطب بالجابية خطبته المشهورة و فيها فتحت قنسرين عنوة وحلب وإنطاكية ومنبج صلحا وسروج عنوة وفيها فتحت قرقيسياء صلحا وفي ربيع الأول كتب التاريخ من الهجرة بمشورة علي.
   وفي سنة سبعة عشرة: زاد عمر في المسجد النبوي وفيها كان القحط بالحجاز ابن سعد وسمي عام الرمادة واستسقى عمر للناس بالعباس، أخرج ابن سعد عن نيار الأسلمي أن عمر لما يستسقي خرج وعليه برد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخرج عن ابن عون قال: أخذ عمر بيد العباس ثم رفعها وقال: اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك أن تذهب عنا المحل وأن تسقينا الغيث فلم يبرحوا حتى سقوا فأطبقت السماء عليهم أياما و فيها فتحت الأهواز صلحا.
   وفي سنة ثمان عشرة: فتحت جند يسابور صلحا وحلوان عنوة وفيها كان طاعون عمواس وفيها فتحت الرها وسميساط عنوة وحران ونصيبين وطائفة من الجزيرة عنوة ـ وقيل: صلحا ـ والموصل ونواحيها عنوة.
   وفي سنة تسع عشرة: فتحت قيسارية عنوة.
   وفي سنة عشرين: فتحت مصر عنوة وقيل: مصر كلها صلحا إلا الإسكندرية فعنوة وقال علي بن رباح: المغرب كله عنوة وفيها فتحت تستر وفيها هلك قيصر عظيم الروم وفيها أجلى عمر اليهود عن خيبر وعن نجران وقسم خيبر ووادي القرى.
   وفي سنة إحدى وعشرين: فتحت الإسكندرية عنوة ونهاوند ولم يكن للأعاجم بعدها جماعة وبرقة وغيرها.
   وفي سنة اثنتين وعشرين: فتحت أذربيجان عنوة وقيل: صلحا والدينور عنوة وماسبذان عنوة وهمذان وطرابلس المغرب والري وعسكر وقومس.
   وفي سنة ثلاث وعشرين: كان فتح كرمان وسجستان ومكران من بلاد الجبل وأصبهان ونواحيها.
المطلب الرابع: نبذ من سيرته.
عن الأحنف ابن قيس قال: كنا جلوسا بباب عمر فمرت جارية فقالوا: سرية أمير المؤمنين فقال: ما هي لأمير المؤمنين بسرية ولا تحل له إنها من مال الله فقلنا: فماذا يحل له من مال الله تعالى؟ قال: إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين: حلة للشتاء وحلة للصيف وما أحج به وأعتمر وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين[34].
وقال خزيمة ابن ثابت: كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له واشترط عليه أن لا يركب برذونا ولا يأكل نقيا ولا يلبس رقيقا ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة[35].
وقال الحسن دخل عمر على ابنه عاصم وهو يأكل لحما فقال: ما هذا؟ قال: قرمنا إليه قال: أو كلما قرمت إلى شيء أكلته؟ كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى[36].
وقال قتادة: كان عمر يلبس ـ و هو خليفة ـ جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم ويطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس  يمر بالنكث والنوى فيلتقطه ويلقيه في منازل الناس ينتفعون به[37].
وقال عبد الله بن عيسى: كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء[38].
وقال أنس: دخلت حائطا فسمعت عمر يقول وبيني وبينه جدار: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ والله لتتقين الله ابن الخطاب أو ليعذبنك الله[39].
وقال عبيد الله بن عمر بن حفص: حمل عمر بن الخطاب قربة على عنقه فقيل له في ذلك فقال: إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها[40].
المطلب الخامس: أوليات عمر.
هو أول من سمي أمير المؤمنين، وأول من كتب التاريخ من الهجرة، وأول من اتخذ بيت المال، وأول من سن قيام شهر رمضان، وأول من عس بالليل، وأول من عاقب على الهجاء، وأول من ضرب في الخمر ثمانين، وأول من حرم المتعة، وأول من نهى عن بيع أمهات الأولاد، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات، وأول من اتخذ الديوان، وأول من فتح الفتوح ومسح السواد، وأول من حمل الطعام من مصر في بحر أيلة إلى المدينة، وأول من احتبس صدقة في الإسلام، وأول من أعال الفرائض، وأول من أخذ زكاة الخيل، وأول من استقضى القضاء في الأمصار، وأول من مصر الأمصار: الكوفة والبصرة والجزيرة والشام ومصر والموصل[41].
المبحث الرابع: فضل عمر بن الخطاب وقصة وفاته، وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: الأحاديث الواردة في فضله.
ورد في فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحاديث نبوية كثيرة، نذكر منها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا " فَبَكَى عُمَرُ وَهُوَ فِي المَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ: أَوَعَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ}[42].
2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: {بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، شَرِبْتُ، يَعْنِي، اللَّبَنَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي أَوْ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ، فَقَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ؟ قَالَ: العِلْم}[43].
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجْتَرُّهُ، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الدِّينَ}[44].
4- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {إِيهٍ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ}[45].
5- عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ. وقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا نَزَلَ بِالنَّاسِ أَمْرٌ قَطُّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عُمَرُ أَوْ قَالَ ابْنُ الخَطَّابِ فِيهِ، شَكَّ خَارِجَةُ، إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ القُرْآنُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ عُمَرُ}[46].
6- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: {لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ}[47].
7- عن عائشة رضي الله عنها قالت: {كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي، فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ لِي: أَمَا شَبِعْتِ، أَمَا شَبِعْتِ، قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ لاَ لأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ عُمَرُ، قَالَتْ: فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا: قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ قَالَتْ: فَرَجَعْتُ}[48].
8- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: {بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ، ضَعْفٌ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ}[49].
قال النووي: قال العلماء: هذا إشارة إلى خلافة أبي بكر وعمر و كثرة الفتوح و ظهور الإسلام في زمن عمر[50].
المطلب الثاني: أقوال الصحابة والسلف فيه[51].
1)   يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما على ظهر الأرض رجل أحب إلي من عمر.
2) قيل لأبي بكر رضي الله عنه في مرضه: ماذا تقول لربك وقد وليت عمر؟ قال: أقول له: وليت عليهم خيرهم.
3)   قال علي رضي الله عنه: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر.
4) قال ابن عمر رضي الله عنهما: ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم  من حين قبض أحد ولا أجود من عمر.
5) قال ابن مسعود رضي الله عنه: لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح علم عمر بعلمهم، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم.
6) قال حذيفة رضي الله عنه: كأن علم الناس كان مدسوسا في حجر عمر، وقال أيضا: والله ما أعرف رجلا لا تأخذه في الله لومة لائم إلا عمر.
7) قال معاوية رضي الله عنه: أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن.
8) قال جابر رضي الله عنه: دخل علي على عمر وهو مسجى، فقال: رحمة الله عليك! ما من أحد أحب إلي أن ألقى الله بما في صحيفته بعد صحبة النبي صلى الله عليه وسلم  من هذا المسجى.
9) قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في دين الله تعالى.
10)        سئل ابن عباسرضي الله عنهما عن أبي بكررضي الله عنه فقال: كان كالخير كله، وسئل عن عمر رضي الله عنه فقال: كان كالطير الحذر الذي يرى أن له بكل طريق شركا يأخذه، وسئل عن عليرضي الله عنه فقال: ملئ عزما و حزما و علما ونجدة.
11)        عن عمير بن ربيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب الأحبار: كيف تجد نعتي؟ قال: أجد نعتك قرنا من حديد قال: وما قرن من حديد؟ قال: أمير شديد لا تأخذه في الله لومة لائم قال: ثم مه؟ قال: ثم يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة قال: ثم مه؟ قال: ثم يكون البلاء.
المطلب الثالث: كراماته.
عن نافع عن ابن عمر قال: وجه عمر جيشا ورأس عليهم رجلا يدعى سارية فبينما عمر يخطب جعل ينادي: يا سارية الجبل ثلاثا ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي: يا سارية الجبل ثلاثا فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله قال: قيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك وذلك الجبل الذي كان سارية عنده بنهاوند من أرض العجم[52].
عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطاب لرجل: ما اسمك ؟ قال: جمرة قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب قال: ممن؟ قال: من الحرقة قال: أين مسكنك؟ قال: الحرة قال: بأيها؟ قال: بذات لظى، فقال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا، فرجع الرجل فوجد أهله قد احترقوا[53].
عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال: لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل يوم من أشهر العجم فقالوا: يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها قال: و ما ذاك؟ قالوا: إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الثياب والحلي أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام وإن الإسلام يهدم ما كان قبله فأقاموا والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب له: أن قد أصبت بالذي قلت وإن الإسلام يهدم ما كان قبله وبعث بطاقة في داخل كتابه وكتب إلى عمرو: إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها: من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد: فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر وإن كان الله يجريك فأسأل الله الواحد القهار أن يجريك فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم فاصبحوا وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة فقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم[54].
المطلب الرابع: مقتله ووصيته.
وفي آخر سنة ثلاث وعشرين كانت وفاة سيدنا عمر رضي الله عنه بعد صدوره من الحج شهيدا، قال سعيد بن المسيب: لما نفر عمر من منى أناخ بالأبطح ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل[55].
وقال معدان بن أبي طلحة: خطب عمر فقال: رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين وإني لا أراه إلا حضور أجلي وإن قوما يأمروني أن أستخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو راض عنهم[56].
وقال أبو رافع: كان أبو لؤلؤة عبد المغيرة يصنع الأرحاء و كان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم فلقي عمر فقال:يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل علي فكلمه فقال: أحسن إلى مولاك ـ ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه ـ فغضب وقال: يسع الناس كلهم عدله غيري وأضمر قتله واتخذ خنجرا وشحذه وسمه وكان عمر يقول: "أقيموا صفوفكم" قبل أن يكبر فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه في كتفه وفي خاصرته فسقط عمر وطعن ثلاثة عشر رجلا معه فمات منهم ستة وحمل عمر إلى أهله وكادت الشمس أن تطلع فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس بأقصر سورتين وأتى عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يتبين فسقوه لبنا فخرج من جرحه فقالوا: لا بأس عليك فقال: إن يكن القتل بأس فقد قتلت فجعل الناس يثنون عليه و يقولون: كنت و كنت فقال: أما والله وودت أني خرجت منها كفافا لا علي ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  سلمت لي وأثنى عليه ابن عباس فقال: لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأمر صهيبا أن يصلي بالناس وأجل الستة ثلاثا[57].
وقال عمر بن ميمون: قال عمر: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام ثم قال لابنه: يا عبد الله انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوها فقال: إن وفى مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فاسأل في بني عدي فإن لم تف أموالهم فاسأل في قريش اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه فذهب إليها فقالت: كنت أريده ـ تعني المكان ـ لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي فأتى عبد الله فقال: قد أذنت فحمد الله تعالى وقيل له: أوص يا أمير المؤمنين واستخلف قال: ما أرى أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله   صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فسمى الستة و قال: يشهد عبد الله بن عمر معهم و ليس له من الأمر شيء فإن أصابت الأمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة ثم قال: أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله وأوصيه بالمهاجرين والأنصار وأوصيه بأهل الأمصار خيرا في مثل ذلك من الوصية فلما توفي خرجنا به نمشي فسلم عبد الله بن عمر وقال: عمر يستأذن فقالت عائشة: أدخلوه فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه فلما فرغوا من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن و قال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان قال: فخلا هؤلاء الثلاثة فقال عبد الرحمن أنا لا أريدها فأيكما يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه؟ والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه وليحرصن عل صلاح الأمة فسكت الشيخان علي وعثمان فقال عبد الرحمن: اجعلوه إلي والله علي لا آلوكم عن أفضلكم قالا نعم فخلا بعلي وقال: لك من القدم في الإسلام والقربة من رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ما قد علمت الله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطيعن؟ قال: نعم ثم خلا بالآخر فقال له كذلك فلما أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه علي[58].
 وعَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: {لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَرَغَ، حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيدًا، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ شِدَّةَ الْوَبَاءِ فِي الشَّامِ، فَقُلْت: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ فَإِنْ سَأَلَنِي اللَّهُ لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ؟ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَكَ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِينًا، وَأَمِينِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عُلْيَا قُرَيْشٍ؟ يَعْنُونَ بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَكَ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الْعُلَمَاءِ نَبْذَةً} [59].
المطلب الخامس: تاريخ وفاته.
أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ودفن يوم الأحد مستهل المحرم الحرام وله ثلاث وستون سنة، وقيل: ست وستون سنة، وقيل: إحدى وستون، وقيل: ستون ورجحه الواقدي، وقيل: تسع وخمسون، وقيل: خمس أو أربع وخمسون، وصلى عليه صهيب في المسجد، وكان نقش خاتم عمر {كفى بالموت واعظا يا عمر}[60].


















[1] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 265.
[2] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 88.
[3] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 103.
[4] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 324. ابن الجوزي، مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ص 10.
[5] رواه الترمذي في سننه.
[6] رواه الحاكم في مستدركه.
[7] سورة الحاقة: الآيات 40، 41، 43، 44، 45، 46، 47.
[8] رواه الإمام أحمد في مسنده.
[9] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 269.
[10] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 100 103. ابن الجوزي، مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ص 12 13.
[11] سورة طه: الآية 14.
[12] ابن الجوزي، مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ص 1213، 19.
[13] ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق، ج 18 ص 289.
[14] سورة البقرة: الآية 125.
[15] سورة التحريم: الآية 5.
[16] رواه البخاري.
[17] رواه مسلم.
[18] سورة البقرة: الآية 219.
[19] سورة النساء: الآية 43.
[20] سورة المائدة: الآية 91.
[21] رواه أبوداود بإسناد صحيح.
[22] سورة المؤمنون: الآيات: 12، 13، 14.
[23] الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ج6 ص92.
[24] سورة التوبة: الآية 80.
[25] سورة التوبة: الآية 84.
[26] رواه البخاري.
[27] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 88.
[28] سورة طه: الآايات 1، 2...، 8.
[29] ابن الجوزي، مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ص1213.
[30] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 103.
[31] رواه الحاكم في مستدركه بإسناد صحيح.
[32] السيوطي، تاريخ الخلفاء، 109.
[33] السيوطي، تاريخ الخلفاء، 104.
[34] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 275.
[35] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 101.
[36] ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق، ج 18 ص 330.
[37] ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق، ج 18 ص 332.
[38] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 102.
[39] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص292.
[40] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 102.
[41] ال ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 367. سيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 107.
[42] رواه البخاري ومسلم.
[43] رواه البخاري.
[44] رواه البخاري ومسلم.
[45] رواه البخاري.
[46] رواه الترمذي في سننه وقال عنه: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
[47] رواه الحاكم في مستدركه ب.
[48] رواه الترمذي في سننه.بإسناد صحيح.
[49] رواه مسلم.
[50] النووي، شرح صحيح مسلم، ج 15 ص 161.
[51]  ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق، ج 18 ص 308.السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 9597. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص369371.
[52] الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ج3 ص 210211.
[53] ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق، ج 18 ص 321.
[54] ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق، ج 18 ص 322.
[55] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 105.
[56] رواه الحاكم في مستدركه.
[57] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 108.
[58] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 337338.
[59] رواه الإمام أحمد في مسنده.
[60] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3 ص 367. السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 107.
التعليقات
0 التعليقات
جميع الحقوق محفوضة@2015 : د.حسن بن جازي الحويطات