(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

السبت، يناير 30، 2016

الفاروق عمر بن الخطاب

        الحمد لله رب العالمين، واصلي واسلم على النبي المبعوث رحمة للعالمين، ورضي الله عن صحابته أجمعين وبعد:
        فإن الإسلام قد رفع أقواما ووضع آخرين، رفع الذين اتبعوا الحق، وقبلوا الهدى، وساروا على النهج المستقيم الذي شرعه الله لعباده، ووضع الذين اتبعوا الباطل، ورفضوا الهدى وما جاء به رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، وتركوا شريعة الله، وحادوا عن جادة الصواب، ومشوا وفق أهوائهم فضلوا وأضلوا.

اقراء المزيد ... Résuméabuiyad

الإیمان بالأنبياء والرسل الكرام علیھم الصلاة والسلام



    قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)([1]).
أولا: التعريف بالنبي والرسول.


اقراء المزيد ... Résuméabuiyad

الإسلام دين ودولة

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
   فلا يمكن للحاكم المسلم أن يحكم الأمة وفق الشريعة الإسلامية إلا بقيام دولة إسلامية، إذ إن قيام الدولة في الإسلام ضرورة من ضرورات هذا الدين، وملازمة له؛ وذلك من أجل حمايته، والعمل على نشره، وتطبيق حدوده، وتنفيذ أحكامه.

اقراء المزيد ... Résuméabuiyad

وسطية العقيدة في النظرة إلى آل البيت الأطهار والصحابة الأبرار

  
   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين، ورضي الله عن صحابته أجمعين، وبعد:
   سنتكلم في هذا البحث عن وسطية العقيدة في النظرة إلى آل البيت الأطهار والصحابة الأبرار ضمن سبعة مطالب على النحو الآتي:
المطلب الأول: التعريف بآل البيت والصحابة، وفيه مسألتان:

اقراء المزيد ... Résuméabuiyad

المذهب الشافعي الجديد (سماته وأهم علمائه)

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين، ورضي الله عن صحابته أجمعين، وبعد:
   فمن المعلوم أن الأحكام الشرعية منها ما هو ثابت لا يخضع للتبديل ولا للتغيير كالأحكام التي دلّت عليها نصوص قطعية الثبوت والدلالة معا، أو الأحكام الثابتة بالإجماع، أو ما عُلِم من الدين بالضرورة، ومنها ما هو قابل للتبديل والتغيير، كالأحكام الشرعية التي يسوغ فيها الاجتهاد، والمذهب الشافعي يعتبر من المذاهب الفقهية الذي تفرد عن بقية المذاهب بتسمية المذهب بما يعرف: بالمذهب القديم والمذهب الجديد، ولمعرفة المذهب الشافعي الجديد ومكانه ومدته الزمنية وأسباب نشوءه وتلاميذه، سنتكلم عنه ضمن المطالب الآتية:

اقراء المزيد ... Résuméabuiyad

القاديانية الاحمدية


نموذج من الفتن الفكرية
الجماعة الأحمدية(القاديانية)[1]
  
   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه وممن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
   كان أول ظهور للجماعة الأحمدية في الهند وتحديدا في بلدة قاديان إحدى قرى مقاطعة البنجاب الهندية وذلك عام 1889م على يد ميرزا غلام أحمد، الذي عاش في الفترة من 1835م إلى 1908م، والذي قال عن نفسه أنه المسيح الموعود والمهدي المنتظر في نفس الوقت، وأنه يوحى إليه من عند الله عز وجل على أنه نبي تابع وليس نبي تشريعي، وقد استمر في دعوته حتى وفاته في عام 1908م ليخلفه عدة خلفاء بلغوا خمسة حتى الآن.
   تولى خلافة الأحمدية مؤخرا خليفتهم الخامس ميرزا مسرور أحمد والمقيم في لندن حاليا، ويعود تاريخ عائلة مؤسس الأحمدية إلى أصول فارسية، ويعتبر لقب ميرزا بمثابة لقب تكريمي، وكان أجداده قد تركوا خراسان الفارسية في القرن السادس عشر الميلادي في عهد الملك بابر مؤسس الحكومة المغولية في الهند.
   وتؤكد الجماعة الأحمدية عن نفسها أنها جماعة دينية غير سياسية، وهدفها التجديد في الإسلام، وأنها تسعى لنشر الدين بوسائل سلمية عن طريق ترجمة القرآن إلى لغات عدة، بلغت بحسب مصادرها اثنان وخمسون لغة عبر العالم.
   نشط الأحمديون في الدعوة إلى مذهبهم بكافة الوسائل، وخصوصاً الثقافية منها حيث أنهم مثقفون ولديهم كثير من العلماء والمهندسين والأطباء، ويوجد في بريطانيا قناة فضائية باسم التلفزيون الإسلامي يديرها الجماعة الأحمدية.
معتقدات الطائفة القاديانية (الأحمدية) ومراحل تطورها.
1-  الطائفة الأحمدية هي حركة إصلاحية عالمية جديدة، تأسست عام 1889 في مدينة قاديان في الهند، ادعى مؤسّسها ميرزا غلام أحمد، أنّه النبي المصحّح والموعود والذي انتظره دعاة الأديان المختلفة ظهوره تحت أسماء وألقاب عديدة.
2-  وفقا لكتابات الطائفة، فقد انتظر الهنود كريشنا، وانتظر اليهود والمسيحيون المسيح، وانتظر البوذيون بوذا، وانتظر المسلمون المهدي والمسيح تحت التوجيه الإلهي، فقد جلب النبيّ المؤسس، ميرزا غلام أحمد بشرى ظهوره كنبي مصحّح، يمثّل جميع هؤلاء الأشخاص الموعودين، كانت مهمّته إدخال البشرية كلها تحت كنف دين واحد ومعتقد واحد، كما يقول الأحمديون.
3-  يعتقد الأحمديون بأنّهم يمثّلون الوجه الحقيقي للإسلام، الإسلام كطريقة حياة عالمية، المتسامح، والذي يدعو إلى محبّة الناس واحترام الآخر، يرى دعاة هذا الدين أنفسهم مسلمين بكل معنى الكلمة من الناحية الدينية وبأنّ الإسلام هو دين عالمي ويهدف إلى خدمة الإنسانية.
4- تعتقد الطائفة القاديانية بجواز نزول الوحي على غلام أحمد ميرزا وأنه نبي تابع وليس نبي تشريعي، فهو فقط مؤيد لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وينشر الإسلام.
5-   الأحمديون نشطون دعويا بطبيعتهم، نشروا معتقداتهم وطريقة حياتهم لملايين الناس حول العالم بواسطة مراكز الدعوة، وقد حرصوا أيضًا على ترجمة القرآن بكامله لأكثر من سبعين لغة عالمية، وترجموا كذلك آيات مختارة من القرآن ومن الحديث النبوي لنحو 130 لغة، وهناك في العصر الحاضر أيضًا قناة تبثّ موادّ دينية 24 ساعة في الأسبوع بواسطة الأقمار الصناعية باللغة العربية على قمر نايل سات، وهي قناة al aصلى الله عليه وسلمabiyah  3 MTA. ولهم موقع على الانترنت باللغة العربية: http://new.islamahmadiyya.net
مراحل تطور الأحمدية "القاديانية".
مرت القاديانيّة بثلاث مراحل  أساسية تمثلت فيما يلى:
المرحلة الأولى: مرحلة الدعوة إلى الإسلام وجدال الخصوم ودعوى التجديد.
    حيث استمرّت هذه المرحلة بين عام 1879م وعام 1891م  وفي هذه المرحلة ادّعى الميرزا أنّه مُصلح و مجدّد وأنّه مأمور من الله لإصلاح العالم، والدعوة إلى الإسلام.
المرحلة الثانية: مرحلة ادعاء أنه المسيح الموعود.
   وبدأت  هذه المرحلة  في عام 1891م، حيث ادعى أنه المثيل والشبيه بعيسى عليه السلام بدلالة القران والسنة، ثم انتقل من دعوى المثيل والشبيه بالمسيح عليه السلام إلى أنه هو المسيح نفسه.
   وفي سنة 1894م حدث خسوف للقمر ليلة 13 رمضان، وفي العام ذاتـه حدث كسوف للشمس يوم 28 رمضان، وقد كان علماء الفلك بانتظار ذلك الخسوف والكسوف لأغراض علمية، أما غلام قاديان فكان ينتظر هذين الحدثين الفلكيين ليعلن أنهما آيتان من الله تصديقاً لادعائه عام 1882م  بأنه هو المهدي، واستند الغلام في ادعائه إلى الحديث الضعيف الذي رواه الدارقطني في سننه عن عمرو بن شمر عن جابر عن محمد بن علي قال: {إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ, يَنْخَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ, وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْهُ, وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}.
المرحلة الثالثة: ادعاء النبوّة.
    وفي هذه المرحلة انتقل من ادعاء أنه  المسيح  المنتظر  والمسيح النبي، إلى دعوى أنه محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الحقيقة المحمدية قد تجسدت فيه (تناسخ الأرواح)، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بُعث مرة أخرى في شخص ميرزا غلام.
   إذ يعتقد الأحمدية بأن الله تبارك وتعالى قد يبعث نبيا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون بأن المعنى الحقيقي لخاتم النبيين في قوله تعالى : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)سورة الأحزاب: الآية 40، هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرفع منزلة من كافة المخلوقات ومن الملائكة أيضا، مما يعني أن ختم النبوة والمعراج اسمان لشيء واحد...أي أن الخاتمية تشمل جميع كمالات النبوة، والفراسة جزء منها".
المرحلة الرابعة: ما بعد وفاة الغلام القادياني.
   وتبدأ هذه المرحلة عقب وفاة الغلام أحمد القادياني في السادس والعشرين من شهر مايو سنه 1908م، فخلفه الحكيم نور الدين، وهو الذي اقترح على الغلام القادياني الادعاء بأنه المسيح الموعود الذي أخبرت عنه الأحاديث النبوية بنزوله آخر الزمان وبويع بالخلافة بعد وفاه الغلام أحمد القادياني، ولقب بالخليفة الأول.
   واستمر بالخلافة إلى أن توفي في 13مارس 1914م، ليخلفه بشير الدين محمود ابن مؤسس الأحمدية، وبقي في منصبه حتى وفاته عام 1965، ثم خلفه الميرزا ناصر أحمد المتوفي عام 1982، ثم تلاه الميرزا طاهر أحمد، الذي تُوفي هو الآخر  وانتخبت الجماعة مسرور أحمد المقيم في لندن زعيمًا لها ولا يزال.
  ولبيان اعتقادات الجماعة الأحمدية (القاديانية) الباطلة والرد عليها، نجملها في النقاط التالية على النحو الآتي:
أولا: موت المسيح "عيسى ابن مريم" عليه السلام.
   حاول الغلام أن يثبت بجميع السبل أنه فعلاً المهدي والمسيح في نفس الوقت، وابتدأ استدلالاته بإثبات وفاة المسيح عليه السلام، ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة أدلته لأنها من المسائل التي اختلف فيها العلماء قديما وحديثا، والغلام لم يأت بجديد حيث اعتمد على كلام علماء مسلمين سابقين مثل مالك بن أنس رضي الله عنه وابن حزم الأندلسي والبخاري وغيرهم، وقد تمسك الغلام بهذه الفكرة ليمهد لادعائه بأن شبيهاً للمسيح عليه السلام هو من سينزل في آخر الزمان، و أنه هو أي غلام قاديان هو ذلك الشبيه!.
   ومن المعلوم أن مسألة عيسى عليه السلام هل ما زال حيا ورفع إلى السماء أو أنه مات يقينا، هي من المسائل الخلافية بين العلماء؟[2] وذلك في تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ[3])، ولو أخذنا برأي من يعتقد موت عيسى عليه السلام حقيقة كباقي الأنبياء عليهم السلام، فهذا لا ينفي أبداً أن الله سيبعثه قبل يوم القيامة فيقتل الدجال ويكسر الصليب، وقد صرح رسـول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله سيبعث عيسى عليه السلام من الموت في آخر الزمان، ففي صحيح مسلم يقـول صلى الله عليه وسلم :{يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ}[4].
   يقول الإمام النووي معقبا على هذا الحديث: "قَوْله صلى الله عليه وسلم: (فَيَبْعَث اللَّه عِيسَى اِبْن مَرْيَم) أي ينزله من السماء حاكما بشرعنا،... قال القاضي رحمه الله تعالى: نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق، وصحيح عند أهل السنة، للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله، فوجب إثباته، وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم، وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى (وَخَاتَم النَّبِيِّينَ)، وبقوله صلى الله عليه وسلم: {لا نَبِيّ بَعْدِي}، وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لا تنسخ، وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث ولا في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا، وما سبق في كتاب الإيمان وغيرها أنه ينزل حكما مقسطا بحكم شرعنا، ويحيي من أمور شرعنا ما هجره الناس"[5].
   ناهيك عن الأحاديث الصحيحة الأخرى التي تذكر اسم عيسى بن مريم عليه السلام صراحة ولا توجد قرينة تدل على أن المقصود في الذي ينزل هو شبيهه أو من على صفاته، من ذلك:
1-  عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ}[6].
2-  يقول صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ}[7].
3-    يقول صلى الله عليه وسلم: {كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟}[8].
 ثانيا: هل تثبت الأحاديث وجود مسيحَـين اثنين؟
   يقول غلام قاديان بأنه ما دام عيسى عليه السلام قد مات فإنه لن يبعث قبل يوم القيامة بل سيبعث شبيه له هو الغلام نفسه، ويستدل أتباع الغلام "القاديانيون" على صحة ادعاء الغلام بأحاديث صحيحة يدعون أنها تصف عيسى ابن مريم وصفًا مختلفًا عن المسيح المنتظر، والحديثان المتعارضان برأيهم هما:
1-   في صحيح البخاري حديث عن رحلة الإسراء حيث رأى رسول اللـه محمد صلى الله عليه وسلم  عيسى ابن مريم عليه السلام، فوصفه بأنَّـه أحمر جعد، و الحديث رواه ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللـه عَنـهمَا قَالَ: {قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأَيْتُ عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأنَّـه مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ}[9].
2-    في صحيح البخاري أيضاً حديث يصف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيح عليه السلام حيث رآه في المنام بأنَّـه آدم سبط الشعر، والحديث رواه أيضاً ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللـه عَنـهمَا قَالَ: {قَالَ رَسُولُ اللـه صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعَر، يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ، شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، هَلَكَ فِي الجَاهِلِيَّةِ}[10].
   يقول القاديانيون أن الحديث الأول يصف مسيح بني إسرائيل عليه السلام، أما الحديث الثاني فيصف المسيح المنتظر الذي سينزل في آخر الزمان حيث يذكر الحديث الأعور الدجال أيضاً.
الجواب:
   إن التعارض الذي يدعيه أتباع غلام قاديان غير موجود لأن الحديث الأول لا يذكر أن عيسى عليه السلام جعد الشعر، فالجعد في اللغة لها معان كثيرة إن لم ترتبط بالشعر، فمثلاً يقال "رجل جعد" لمن يمتلك جسماً قوياً متيناً، و قد تكون الجعودة صفة للبشرة، أما بالنسبة للون البشرة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أدمة بشرة عيسى عليه السلام هي كأحسن ما يرى من أدم الرجال، والأدمة هي لون بين البياض والسمرة وأحسنها في نظر رسول الله  صلى الله عليه وسلم هو ما كان أقرب إلى البياض والحمرة، وهذا ما رواه البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل، فقد تجاهل القاديانيون كل الأحاديث الصحيحة الأخرى التي تؤكد بأن عيسى عليه السلام الذي رآه الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء كان سبط الشعر و ليس فيها الوصف "أجعد"[11].
   يقول الإمام النووي: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم في عيسى عليه السلام أنه (جعد) ووقع في أكثر الروايات في صفته (سبط الرأس) فقال العلماء: المراد بالجعد هنا جعودة الجسم وهو اجتماعه واكتنازه وليس المراد جعودة الشعر، وأما الجعد في صفة موسى عليه السلام فقال صاحب التحرير فيه معنيان أحدهما: ما ذكرناه في عيسى عليه السلام وهو اكتناز الجسم، والثاني: جعودة الشعر، قال: والأول أصح لأنه قد جاء في رواية أبي هريرة في الصحيح أنه رجل الشعر هذا كلام صاحب التحرير"[12].
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلا آدَمَ طُوَالا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ}[13].
   إذاً ففي رحلة الإسراء كان وصف النبي صلى الله عليه وسلم لعيسى عليه السلام بأنه سبط الشعر وبشرته أقرب إلى البياض والحمرة، وهذا في نظر النبي صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من أدم الرجال، فالأدمة هي لون بين البياض والسمرة، وهذا الوصف هو وصفه صلى الله عليه وسلم لعيسى عليه السلام في الرؤيا التي رآها، فقد روى البخاري أيضاً: حدثنا موسى عن نافع، قال عبد الله: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلاَ إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ فِي المَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[14].
   وقد وردت نفس الصفات في وصف عيسى عليه السلام في حديث رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لعيسى عليه السلام، حيث روى الإمام مالك في موطئه: عن ‏‏نافع ‏عن عبد الله بن عمر ‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ ‏قال: {أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَال لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئاً عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَوَاتِقِ  رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هذَا؟ فَقِيلَ: هذَا الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ}[15].
ثالثا: "عمرو بن شمر" مـُلهـِم الغلام.
   في سنة 1894م حدث خسوف للقمر ليلة 13 رمضان، وفي العام ذاتـه حدث كسوف للشمس يوم 28 رمضان، وقد كان علماء الفلك بانتظار ذلك الخسوف والكسوف لأغراض علمية، أما غلام قاديان فكان ينتظر هذين الحدثين الفلكيين ليعلن أنهما آيتان من الله تصديقاً لادعائه عام 1882م  بأنه هو المهدي، واستند الغلام في ادعائه إلى الحديث الضعيف الذي رواه الدارقطني في سننه عن بعض الشيعة، قال: حدثنا أبو سعيد الاصطخري حدثنا محمد بن عبد الله بن نوفل حدثنا عبيد بن يعيش حدثنا يونس بن بكير عن عمرو بن شمر عن جابر عن محمد بن علي قال: {إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ, يَنْخَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ, وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْهُ, وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}[16].
   بعد أن علم الغلام باقتراب ظهور هذين الحدثين الفلكيين استغل جهل عامة الناس بأمور الفلك وأعلن أنه هو المهدي المنتظر عام 1882م ليقول فيما بعد بأن هاتين الآيتين تحققتا في عام 1894م تصديقاً لادعائه المهديّة، وقال بأن المقصود من أول ليالي رمضان هو أول الليالي التي يمكن أن يحدث فيها الخسوف، وهي برأيه ليلة 13، والمقصود بالنصف من رمضان هو اليوم الذي يقع في نصف الأيام التي يمكن أن يحدث فيها الكسوف، وهو برأيه يوم 28 رمضان.
   لكن عند ملاحظة الأثر المذكور فإنه لا يمت بصلة إلى تأويل غلام قاديان، فالأثر يذكر الليلة الأولى من رمضان وليس الليلة الأولى للخسوف كما يذكر الأثر اليوم الواقع في منتصف رمضان ولا يذكر أبداً منتصف أيام الكسوف، كما أن الأثر المذكور ليس حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أثر منقول عن بعض الشيعة على لسان محمد الباقر الذي كانت ولادته بعد 47 سنة من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما الرواة الشيعة لهذا الأثر فضعفاء خاصة الراوي عمرو بن شمر الذي اتهمه بالوضع كل من علماء السنة والشيعة على حد سواء:
·       قال النسائي: عمرو بن شمر متروك الحديث[17].
·       قال الأصبهاني: عمرو بن شمر الجعفي يروي عن جابر الجعفي بالموضوعات المناكير[18].
·       قال الحاكم: كان عمرو بن شمر كثير الموضوعات عن جابر الجعفي، وليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عن جابر غيره[19] .
·       قال ابن حبان: عمرو بن شمر رافض يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات[20].
·       قال أبوحاتم: عمرو بن شمر منكر الحديث جدا ضعيف الحديث لا يشتغل به، تركوه[21].
·       أما الدارقطني راوي الأثر نفسه فقال عندما نقل الحديث التالي في سننه: {لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ إِلاَّ بِطَهُورٍ وَبِالصَّلاَةِ عَلَىَّ}، "عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ وَجَابِرٌ الْجُعْفِىُّ ضَعِيفَان[22].
   وجابر الجعفي وثقه شعبة ووكيع والثوري، ولكن كذبه ابن معين وأبو حنيفة وليث بن أبي سليم والجوزجاني وابن عيينة وابن خراش وسعيد بن جبير وغيرهم، وضعفه كثيرون، قال الذهبي: "وقال زائدة: كان جابر الجعفي كذاباً يؤمن بالرجعة، وروى أبو يحيى الحماني عن أبي حنيفة قال: ما لقيت أكذب من جابر الجعفي ما أتيته بشيء من رأي إلا جاءني فيه بأثر وزعم أن عنده ثلاثين ألف حديث لم يظهرها، وقال أحمد: تركه يحيى القطان وابن مهدي، وقال النسائي: متروك"[23]، وقال ابن حجر: "جابر الجعفي ضعيف رافضي"[24].
رابعا: خرافة أول أيام الخسوف و منتصف أيام الكسوف.
   أما مقولة ((ليالي الخسوف في الشهر القمري هي 13 و14 و15، وأيام الكسوف هي 27 و28 و29)) فقد ثبت خطؤها علمياً؛ لأنه يجب تحديد المكان الذي تطبق فيه، ولا أدري لماذا يصر القاديانيون على ترديد هذه المقولة في عصر ثبت بالدليل القاطع بطلانها. فبالنسبة لشرق وأواسط آسيا (حيث تقع قاديان ولاهور)، يمكن أن يحدث خسوف القمر في اليوم 12 من الشهر القمري، والذي يرفض هذه الحقيقة ويصر على مبدأ الرؤية الفلكية للهلال فإن عليه بالضرورة أن يرفض إمكانية حدوث كسوف الشمس في اليوم 27 من الشهر القمري، أما الكيل بمكيالين عند الحديث عن الخسوف والكسوف فغير مقبول لأنه تمويه مكشوف، فليتم حدوث كسوف الشمس هناك في يوم 27 من الشهر القمري يجب أن تتأخر بداية الشهر لأكثر من يومين عن تولد الهلال الفعلي، وهذا يمكن فقط عند اعتماد الرؤية المجردة لإثبات بداية الشهر القمر وأما فلكياً فلا.
   والقاديانيون عند قولهم بأن خسوف القمر في قاديان عام 1894 حصل في 13 رمضان اعتمدوا على الرؤية المجردة لإثبات بداية شهر رمضان. بينما لو اعتمدوا على الرؤية الفلكية لكان يوم الخسوف هو 14 رمضان، إذاً يجب أن يقبلوا بتطبيق مبدأ رؤية الهلال بالعين المجردة عند الحديث عن أول أيام الخسوف في الشهر القمري، و بهذا يكون يوم 12 هو أول الأيام الممكنة للخسوف في تلك البقعة من العالم.
   أما بالنسبة لإمكانية التأكد المستقبلي من حصول خسوف القمر في يوم 12 من الشهر القمري فإنني أستشهد بالحسابات التي أوردها أستاذ علم الفلك الدكتور ديفيد ماك نوغتون: حيث تشير الحسابات بأن خسوفاً للقمر سيقع في يوم 21 شباط 2008 و الذي يوافق اليوم 12 من الشهر القمري بالنسبة لسكان المنطقة الواقعة 42 درجة جنوب و50 درجة شرق، ففي تلك المنطقة لن تكون الرؤية ممكنة للهلال في يوم 8 شباط 2008 عند الغسق خاصة وأن الشهر هو شباط شتاءاً، و بهذا فإن بداية الشهر القمري هناك ستكون على الأقل يوم 9 شباط 2008 و الله أعلم، وبهذا يصادف خسوف القمر هناك اليوم 12 من الشهر القمري[25].
   وللذكر فإن الدكتور ديفيد ماك نوغتون هو عالم فلك بريطاني ويحمل جنسية جنوب إفريقيا أيضاً كان يعمل في مطار دبي الدولي كاستشاري للعلوم الفلكية والأحوال الجوية وله أبحاث كثيرة منشورة في بريطانيا حيث عرش كل من الخليفة القادياني الخامس وملكة بريطانيا رئيسة الكنيسة الأنجليكانية، وأضع هنا بين أيديكم إحدى الرسومات التوضيحية المبسطة لإثبات أنه ليتم حدوث كسوف الشمس في يوم 27 من الشهر القمري يجب أن تتأخر بداية الشهر حوالي يومين و نصف عن تولد الهلال الفعلي.
   وقد حصل نفس الكسوف والخسوف في نفس الأوقات من رمضان (أي ليلة 13 و يوم 28) أثناء حياة الباب مهدي ونبي البابية والبهائية و تكرر في السنة التي تليها أيضاً، فلماذا لا يتبعه القاديانيون يا ترى ؟!!! علماً أن الباب ادعى المهدية والنبوة قبل الغلام بسنوات عديدة.
   والكسوف المزدوج في رمضان يحصل بمعدل كل 23 سنة تقريباً، و قد ظهر المئات من مدعي المهدية قبل الغلام، فأين الآية التي لم تظهر منذ خلق السماوات والأرض؟!!! وعندما ووجه غلام قاديان بحقيقة أن الكسوف والخسوف المزدوج قد حدث آلاف المرات من قبل قال الغلام بأنه لا يهم إن حصلت هذه الآية مرات عديدة في الماضي. فالآية برأيه لا تكتمل إلا بوجود مدع بأنه هو المهدي، ولم يعلم هذا الغلام بأن عشرات الدجاجلة قبله كانوا قد ادعوا المهدية وصادف حصول كسوف مزدوج في رمضان أثناء حياتهم بتاريخ 13 و28 من الشهر نفسه وأضرب هنا هذه الأمثلة على ذلك[26]:
المثال الأول: صالح بن طريف البرغواطي: ادعى المهدية و النبوة سنة 125هـ.
   حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ١٢٥هـ (18/10/742م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ١٢٥هـ (2/11/742م)، ثم تكرر الكسوف المزدوج في العام التالي عام ١٢٦هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٣ رمضان عام ١٢٦هـ (7/10/743) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ١٢٦هـ (22/10/743م)، ثم تكرر الكسوف المزدوج للعام الثالث علي التوالي عام ١٢٧هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٣ رمضان عام ١٢٧هـ (14/9/744) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ١٢٧هـ (11/10/744م).
   يقول الزركلي: "صالح بن طريف البرغواطي: متنبئ، من قبيلة برغواطة (من المصامدة) من أهل تامسنا (بالمغرب الاقصى، بين سلا وآسفي) كان أبوه من قادة الصفرية في المغرب، وقيل: إنه تنبأ أيضا وهلك، فتولى مكانه ابنه صالح (صاحب الترجمة) وكان صالح في بداءة أمره من أهل الخير، ثم انتحل دعوى النبوة سنة 127هـ، وشرع دينا فرض فيه عشر صلوات، خمسا بالليل، وخمسا بالنهار، وصيام رجب بدلا من رمضان، وفي الوضوء غسل السرة والخاصرتين، والسجود خمسا في الركعة الاخيرة، وما قبلها إيماءا، والسارق يقتل، وللرجل أن يتزوج من النساء ما شاء، وأنشأ كتابا سماه (قرآنا) في ثمانين سورة، زعم أنه أوحي به إليه، وكثر أتباعه ودامت دولته 47 عاما، ثم خرج إلى المشرق سنة 128هـ"[27].
مختصر عن قبيلة البرغواطة في المملكة المغربية:
   يقول ابن خلدون: "الخبر عن برغواطة من بطون المصامدة ودولتهم ومبدا أمرهم وتصاريف أحوالهم: وهم الجيل الأول منهم كان لهم في صدر الإسلام التقدم والكثرة وكانوا شيخا وشيعا مفترقين وكانت مواطنهم خصوصا من بين المصامدة في بسائط تامسنا وريف البحر المحيط من سلا وازمور وأنقى وأسفى وكان كبيرهم لاول المائة الثانية من الهجرة طريف أبو صبيح وكان من قواد ميسرة الخفير طريف المضفرى القائم بدعوة الصفرية ومعها معزوز بن طالوت ثم انقرض أمر ميسرة والصفرية وبقى طريف قائما بأمرهم بتامسنا ويقال أيضا انه تنبأ وشرع لهم الشرائع ثم هلك وولى مكانه ابنه صالح وقد كان حضر مع أبيه حروب ميسرة وكان من أهل العلم والخير فيهم ثم انسلخ من آيات الله وانتحل دعوى النبوة وشرع لهم الديانة التي كانوا عليها من بعده وهى معروفة في كتب المؤرخين وأدعى انه نزل عليه قرآن كان يتلو عليهم سورا منه يسمى منها سورة الديك وسورة الحمر وسورة الفيل وسورة آدم وسورة نوح وكثير من الأنبياء وسورة هاروت وماروت وإبليس وسورة غرائب الدنيا وفيها العلم العظيم بزعمهم حرم فيها وحلل وشرع وقصر وكانوا يقرؤنه في صلواتهم وكانوا يسمونه صالح المؤمنين كما حكاه البكري عن زمور بن صالح بن هاشم بن وراد الوافد منهم على الحاكم المستنصر الخليفة بقرطبة من قبل ملكهم أبى عيسى بن أبى الأنصاري سنة ثنتين وخمسين وثلثمائة وكان يترجم عنه بجميع خبره داود بن عمر المسطاسى قال وكان ظهور صالح هذا في خلافة هشام بن عبد الملك من سنة سبع وعشرين من المائة الثانية من الهجرة وقد قيل ان ظهوره كان لأول الهجرة وانه انما انتحل ذلك عنادا ومحاكاة لما بلغه شأن النبي صلى الله عليه وسلم والأول أصح ثم زعم انه المهدي الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان وان عيسى يكون صاحبه ويصلى خلفه وان اسمه في العرب صالح وفى السريان مالك وفى الأعجمي عالم وفى العبراني روبيا وفى البربري وربا ومعناه الذي ليس بعده نبى وخرج إلى المشرق بعد أن ملك أمرهم سبعا وأربعين سنة ووعدهم أنه يرجع إليهم في دولة السابع منهم وأوصى بدينه إلى ابنه"[28].
المثال الثاني: أبو غفير محمد بن معاذ: ادعى المهدية عام ٢٦٨هـ.
 حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ٢٨٢هـ (13/2/895م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ٢٨٢هـ (27/2/985)، ثم تكرر الكسوف المزدوج في العام التالي عام ٢٨٣هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ٢٨٣هـ (2/2/896م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ٢٨٣هـ (16/2/896م)، وأبو غفير من أحفاد صالح بن طريف كما ذكره ابن خلدون[29].
المثال الثالث: أبو منصور عيسى بن أبى الأنصار: ادعى المهدية والنبوة عام ٣٤١هـ.
   حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٣ رمضان عام ٣٤٩هـ (14/2/960م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ٣٤٩هـ (29/2/960م)، ثم تكرر الكسوف المزدوج في العام التالي عام ٣٥٠هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٣ رمضان عام ٣٥٠هـ (2/2/961م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ٣٥٠هـ (18/2/961م)، وأبو منصور عيسى من أحفاد صالح بن طريف كما ذكره ابن خلدون[30].
المثال الرابع: المهدي ابن تومرت (محمد بن عبد الله ابن تومرت المصمودي) ولد عام 485هـ، إدّعى المهديّة واخترع له نسبا إلى آل البيت ومات في سنة 524هـ[31].
   حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ٤٨٣هـ (3/3/1090م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ٤٨٣هـ (30/3/1090م)، ثم تكرر الكسوف المزدوج في العام التالي عام ٤٨٤هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ٤٨٤هـ (6/2/1091م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ٤٨٤هـ (20/2/1091م) ، ثم تكرر الكسوف المزدوج للعام الثالث علي التوالي عام ٤٨٥هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان (26/1/1092م)، وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ٤٨٥هـ (10/2/1092م).
   يقول الزركلي عن ابن تومرت: "في الاستقصا: إنه زاد في أذان الصبح (أصبح ولله الحمد؟) وأفرد شئ من سيرته في كتاب (أخبار المهدي ابن تومرت وابتداء دولة الموحدين)، ومؤلفه يصف المهدي بالإمام (المعصوم) ويقول إنه جاء في (زمن الفترة) ويذكر أصحابه والقبائل التي (آخى) بينها، ويسمي بعض أصحابه (الجماعة العشرة) ويقول: أول من (آمن) به فلان وفلان، ويشير إلى أن له (أي لمؤلف أخبار المهدي) كتابا آخر سماه (الانساب في معرفة الاصحاب) أصحاب المهدي، ويصم من لم يؤمنوا به بالكفر، ويذكر جماعة بأنهم (أنصاره) وآخرين يسميهم (المهاجرين) ويقول: إن المهدي لما دخل (الغار) معتكفا برباط هرغة الخ، ويسمي وقائعه (الغزوات) ومن أتوا بعده (خلفاء) وهناك غير هذا، مما يدل على أن ابن تومرت وضع (السيرة النبوية) بين عينيه، واقتفى مظاهرها، واستعار أسماء جماعاتها وبعض أماكنها"[32].
المثال الخامس: ميرزا علي محمد (الملقب بالباب): ادعى المهدية قبل ادعائه النبوة عام ١٢٦٠هـ.
   حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ١٢٦٦هـ (31/10/1849م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٨ رمضان من نفس العام ١٢٦٦هـ(14/11/1849م)، ثم تكرر الكسوف المزدوج في العام التالي، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ١٢٦٧هـ (20/10/1261م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ١٢٦٧هـ (4/11/1850م).
أيضاً حدث عام ١٢٨٩هـ وتكرر ١٢٩٠هـ كالتالي:
   حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ١٢٨٩هـ (23/2/1872م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ١٢٨٩هـ (9/3/1872م)، ثم تكرر الكسوف المزدوج في العام التالي عام ١٢٩٠هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٣ رمضان عام ١٢٩٠هـ (11/2/1873م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ١٢٩٠هـ (11/2/1873م)، أيضاً حدث في حياته ثالث كسوف مزدوج عام ١٣١١هـ وتكرر ١٣١٢هـ كالتالي:
   حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ١٣١١هـ (28/6/1893م) وكسوف للشمس بتاريخ ٣٠ رمضان من نفس العام ١٣١١هـ (14/7/1973م)، ثم تكرّر الكسوف المزدوج في العام التالي عام ١٣١٢هـ، حدث خسوف للقمر بتاريخ ١٤ رمضان عام ١٣١٢هـ (18/6/1894م) وكسوف للشمس بتاريخ ٢٩ رمضان من نفس العام ١٣١٢هـ (3/7/1894م).
 معلومة مهمّة:
   يدّعي رؤوس القاديانية أنّ أيام كسوف الشمس هي ٢٧، ٢٨، ٢٩ في رمضان حتّي يتسنّي لهم تأويل أن تنكسف الشمس في النصف منه بمعني نصف الثلاثة أيام الخاصة بالكسوف ويخرجوا من المأزق بهذا ولكن أقول: بالرجوع لجدول الكسوف اتضّح أنّ أيام الكسوف أربعة وليس ثلاثة وهي ٢٧،٢8،٢9،٣٠ من رمضان وبهذا يكون تأويلهم أيضاً خاطيء في هذه النقطة.
   وقد ثبت علمياً بأن أول الأيام الممكنة لخسوف القمر هو ليلة 12 و ليس ليلة 13 كما موه غلام قاديان وأتباعه فبطل بذلك قولهم.
   أما ميرزا غلام فيعتقد أن الكسوف والخسوف يظهران فقط عند شيوع الفساد!! وأما اجتماعهما فهو تهديد من الله بالعذاب!! يقول الغلام في كتابه "نجم الهدى" ص232.
   وفي كتابه "نجم الهدى" أيضاً ص253 يتحدى الميرزا خصومه أن يأتوا ببرهان على وقوع الخسوف و الكسوف المزدوج في رمضان من قبل.
رابعا: لا مهدي إلا المسيح !
   قد يتساءل البعض عن السبب الذي جعل الغلام يدعي بأنه هو المهدي والمسيح معاً وليس المهدي فقط أو المسيح فقط، والجواب: هو أن الغلام حاول أن يدعي القيمة الروحية لكل شخص مقدس عند أية فرقة من الفرق، ونرى هذا واضحاً في ادعائه لاحقاً بأنه يمثل نزول كريشنا المقدس عند الهندوس، أما بالنسبة لادعاء المهديّة فقد كان هذا رائجاً جداً في القرن التاسع عشر حيث كان الناس مشغولون بادعاءات مشابهة من المهدي السوداني والباب وغيرهم، وقد كانت النقاشات محتدة في تأويل ظهور آيات المهدي والمسيح، وعلى أغلب الظن فقد كان توقع حدوث الكسوف والخسوف في رمضان هو الشرارة التي أطلقت طموحات الغلام لادعاء المهديّة، أما بالنسبة للادعاء بأنه المسيح فقد اعتمد حديثاً يقول: ((ولا المهدي إلا المسيح)) فعقد العزم أن يتقمص الشخصيتين معاً، والحديث مروي في سنن ابن ماجة: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال: حدثني محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: {لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلا الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}[33].
التعليق على هذا الحديث والإستدلال به:
   "قال ابن شاهين: تفرد بهذا الحديث الشافعي ولا أعلم حدثنا به غيره ولا عنه إلا يونس وهو حديث غريب الإسناد مشهور المتن إلا قوله ولا مهدي إلا عيسى بن مريم فما قاله أحد غيره"[34]، وقال عنه أبو نعيم الأصبهاني: "غريب من حديث الحسن"[35]، وقال عنه القرطبي: "لا يصح"[36]، وقال عنه الذهبي: " أخرجه ابن ماجة عن يونس، فوافقناه، وهو خبر منكر، تفرد به يونس"، وفي موضع آخر يقول: "وأما الحديث الذي انفرد به عن الشافعي، حديث: {لا مهدي إلا عيسى}، فلعله بلغه عن الشافعي، فدلسه، وقد رأيت أصلا عتيقا، يقول فيه: حدثت عن الشافعي"[37].
   يقول ابن حجر العسقلاني: "الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه، ذكر ذلك ردا للحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن أنس وفيه: {ولا مهدي إلا عيسى} وقال أبو ذر الهروي: حدثنا الجوزقي عن بعض المتقدمين قال: معنى قوله: "وإمامكم منكم" يعني أنه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل، وقال ابن التين: معنى قوله: {وإمامكم منكم} أن الشريعة المحمدية متصلة إلى يوم القيامة، وأن في كل قرن طائفة من أهل العلم، وهذا والذي قبله لا يبين كون عيسى إذا نزل يكون إماما أو مأموما، وعلى تقدير أن يكون عيسى إماما فمعناه أنه يصير معكم بالجماعة من هذه الأمة، قال الطيبي: المعنى يؤمكم عيسى حال كونه في دينكم، ويعكر عليه قوله في حديث آخر عند مسلم: {فيقال له: صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة}، وقال ابن الجوزي: لو تقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتراه تقدم نائبا أو مبتدئا شرعا، فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله: {لا نبي بعدي}، وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة. والله أعلم"[38].
    فهذا الحديث لا تقوم به حجة؛ لأنه حديث ضعيف ومداره على محمد بن خالد الجندي وهو رجل ضعيف، قال القرطبي: "قيل إن هذا الحديث لا يصح لأنه انفرد بروايته محمد بن خالد الجندي، قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ الجندي هذا مجهول، واختلف عليه في إسناده... والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم لها دونه"[39].
   وقال الحافظ الذهبي في ترجمة محمد بن خالد الجندي: "أخرجه ابن ماجة عن يونس، فوافقناه، وهو خبر منكر، تفرد به يونس بن عبد الاعلى الصدفي أحد الثقات، ولكنه ما أحسبه سمعه من الشافعي، بل أخبره به مخبر مجهول ليس بمعتمد، وقد جاء في بعض طرقه الثابتة عن يونس قال: حدثت عن الشافعي فذكره"، وعلق على كلام الذهبي المحقق في الهامش بقوله: "وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن خالد الجندي، والحسن مدلس وقد عنعن، ومتنه منكر كما قال المصنف، وهو في "حلية الاولياء"9/ 161، و"تاريخ بغداد"4/ 221، و"المستدرك"4/441، ونقل الشوكاني في "الفوائد المجموعة" ص 195 عن الصنعاني: أنه موضوع"[40].
   فهذا الحديث الضعيف لا يعارض به الأحاديث الصحيحة الثابتة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في شأن المهدي، وعلى فرض صحة هذا الحديث فإنه كما قال الإمام القرطبي في التذكرة: "يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم : {ولا مهدي إلا عيسى}: أي لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى، وعلى هذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التعارض"[41].
  ويقول العلامة ابن القيم الجوزية في المنار المنيف بعد أن ذكر الأحاديث التي ذكرت المهدي المنتظر: "وهذه الأحاديث أربعة أقسام صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة، وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:
أحدها: أنه المسيح ابن مريم وهو المهدي على الحقيقة، واحتج أصحاب هذا بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم وقد بينا حاله وأنه لا يصح ولو صح لم يكن فيه حجة؛ لأن عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول الله وبين الساعة، وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق وحكمه بكتاب الله وقتله اليهود والنصارى ووضعه الجزية وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال لا مهدي في الحقيقة سواه وإن كان غيره مهديا كما يقال لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما وقي وجه صاحبه، وكما يصح أن يقال: إنما المهدي عيسى ابن مريم يعني المهدي الكامل المعصوم.
القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس وقد انتهى زمانه.
القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما، فيملأها قسطا وعدلا وأكثر الأحاديث على هذا تدل.
وأما الرافضة الإمامية فلهم قول رابع: وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر من ولد الحسين بن علي، لا من ولد الحسن الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار، الذي يورث العصا ويختم الفضا، دخل سرداب سامراء طفلا صغيرا من أكثر من خمس مئة سنة، فلم تره بعد ذلك عين ولم يحس فيه بخبر ولا أثر، وهم ينتظرونه كل يوم، يقفون بالخيل على باب السرداب، ويصيحون به أن يخرج إليهم: أخرج يا مولانا لآحتج يا مولانا ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دأبهم ودأبه"[42].
خامسا: وضع الجزية.
   يقول صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ}[43].  
   يقول الإمام النووي: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: {ويضع الجزية} فالصواب في معناه أنه لا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام ومن بذل منهم الجزية لم يكف عنه بها بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل، هكذا قاله الإمام أبو سليمان الخطابي وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى، وحكى القاضي عياض رحمه الله عن بعض العلماء معنى هذا ثم قال: وقد يكون فيض المال هنا من وضع الجزية وهو ضربها على جميع الكفرة فإنه لا يقاتله أحد فتضع الحرب أوزارها، وانقياد جميع الناس له إما بالإسلام وإما بإلقاء يد فيضع عليه الجزية ويضربها، وهذا كلام القاضي وليس بمقبول، والصواب ما قدمناه وهو أنه لا يقبل منه إلا الإسلام فعلى هذا قد يقال هذا خلاف حكم الشرع اليوم فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام، وجوابه أن هذا الحكم ليس بمستمر إلى يوم القيامة بل هو مقيد بما قبل عيسى عليه السلام وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخه وليس عيسى عليه السلام هو الناسخ بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ، فإن عيسى يحكم بشرعنا فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمد [44]"صلى الله عليه وسلم.
سادسا: الميرزا وتناسخ الأرواح.
   مع أن القاديانيين يحاولون عبثاً القول بتناسخ الأرواح و يصرون أن كون الميرزا هو المسيح لا يعني نزول روح المسيح عليه، إلا أن محاولاتهم هذه عبثية بالنظر إلى كثرة النصوص الواضحة التي أوردها الميرزا لدعم نظرية تناسخ الأرواح، كما ذكره في كتابه "مرآة كمالات الإسلام" ص238، و ص 353، ويقول في الصفحة 99 من كتابه "المسيح الناصري في الهند": "وكان بوذا يعتقد بالتناسخ، ولكن تناسخه لا يخالف تعاليم الإنجيل، إذ التناسخ عنده على ثلاثة أقسام:
أولاً: أن عزيمة الإنسان على المزيد من الأعمال تقتضي جسماً آخر بعد الموت.
ثانياً: هو ما يعتقد أهل التبت بوجوده في زعمائهم الدينيين "لامات"، و هو أن جزءاً من روح بوذا أو زعيم بوذي آخر يحا في "لاماتهم".. أي أن قوته و طبيعته و خواصه الروحية تنتقل إلى "لاما" الحالي، و روحه تؤثر فيه.
ثالثاً: أن الإنسان لا يزال يمر في حياته في الدنيا بأنواع الولادة إلى أن يصبح إنساناً حقيقياً حسب خواصه الذاتية، حيث ينعدم وجوده الأول و يكتسب وجوداً ثانياً بحسب أعمال وجوده الأول ...إلخ".
سابعا: يا مريم اسكن أنت و زوجك الجنة!!
  هذا العنوان هو جزء من وحي ادعى الغلام أنه تلقاه من إلهه وهو مذكور في كتاب "التذكرة" صفحة 727 الذي يحتوي على الوحي المقدس لغلام قاديان، وفي هذا الوحي يسميه إلهه باسم مريم، فقد حاول الغلام أن يثبت بكل وسائل التمويه و لتحريف أنه يمثل النزول الثاني للمسيح عليه السلام، فادعى بأنه يشبه المسيح عليه السلام في جوهره، وبهذا يصح برأيه أن يسمى باسم عيسى بن مريم نفسه، وعندما سئل عن وجه الشبه ذاك قال بأن المسيح عليه السلام ولد من غير أب، وأن غلام قاديان لم يكن له شيخ طريقة يتبعه، وما دام شيخ الطريقة هو بمثابة الأب الروحي فيكون غلام قاديان بذلك قد ولد من غير أب أيضاً!!.
   ولمّا لم يصدق الناس هذه السخافات قام الغلام بتبني سخافة أكبر حتى تكتمل فضيحة كذبه بين الناس، حيث قال الغلام في كتابه "روحاني خزائن" ما يلي: "جعلني الله مريم لمدة سنتين ... ثم نفخ فيّ روح عيسى كما نفخ في مريم، وعلى صورة استعارية صرت حاملاً، و بعد مرور عدة أشهر لا تزيد عن عشرة بعد هذا الإلهام تحولت من كوني مريم إلى عيسى، و بهذا أصبحت المسيح عيسى بن مريم"[45].
   وفي مكان آخر من كتاب "روحاني خزائن" يقول الغلام: "أنا المقصود من قوله تعالى: (مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا)؛ لأني أنا الوحيد الذي ادعيت أني مريم وأنه نفخ فيّ روح عيسى"[46].
ثامنا: الإدعاء بجواز نزول الوحي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
    يستدل القاديانية بجواز نزول الوحي على غلام أحمد ميرزا وأنه نبي تابع وليس نبي تشريعي، فهو فقط مؤيد لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وينشر الإسلام، بما يلي:
(1) في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)[47].
قالوا في كلمة "تتنزل" تدل على جواز نزول الملائكة (الوحي) على المستقيمين، وهذا فيه دليل على جواز نزول الوحي على الأحمدي[48].
الرد:
أقوال المفسرين في هذه الآية:
    "قال ابن زيد ومجاهد: عند الموت، وقال مقاتل وقتادة: إذا قاموا من قبورهم للبعث، وقال ابن عباس: هي بشرى تكون لهم من الملائكة في الآخرة، وقال وكيع وابن زيد: البشرى في ثلاثة مواطن عند الموت وفي القبر وعند البعث،"أَلا تَخافُوا" أي ب "أَلا تَخافُوا" فحذف الجار، وقال مجاهد: لا تخافوا الموت، "وَلا تَحْزَنُوا" على أولادكم فان الله خليفتكم عليهم، وقال عطاء بن أبي رباح: لا تخافوا رد ثوابكم فإنه مقبول، وقال عكرمة ولا تخافوا أمامكم، ولا تحزنوا على ذنوبكم"[49].
(2) قوله عز وجل: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ.... [50])وقوله تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)[51].
هذه الآيات فيها دلالة على جواز نزول الوحي على البشر من غير الأنبياء[52].
الرد:
   إن الاستدلال بجواز نزول الوحي على البشر من غير الأنبياء هو دليل عليكم،  لأن هذا يعني أن ليس كل ما ينزل عليه الوحي هو نبي تابعي بدلالة الآيات الكريمة السابقة.
    يقول القرطبي "واختلف في هذا الوحي إلى أم موسى، فقالت فرقة: كان قولا في منامها وقال قتادة: كان إلهاما وقالت فرقة: كان بملك يمثل لها، قال مقاتل أتاها جبريل بذلك، فعلى هذا هو وحي إعلام لا إلهام وأجمع الكل على أنها لم تكن نبية، وإنما إرسال الملك إليها على نحو تكليم الملك للأقرع والأبرص والأعمى في الحديث المشهور، خرجه البخاري ومسلم، وقد ذكرناه في سورة" براءة" وغير ذلك مما روي من تكليم الملائكة للناس من غير نبوة"[53]، ويقول الرازي: "فقد اتفق الأكثرون على أن أم موسى عليه السلام ما كانت من الأنبياء والرسل، فلا يجوز أن يكون المراد من هذا الوحي هو الوحي الواصل إلى الأنبياء، وكيف لا نقول ذلك والمرأة لا تصلح للقضاء والإمامة، بل عند الشافعي رحمه الله لا تمكن من تزويجها نفسها، فكيف تصلح للنبوة ؟! ويدل عليه قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ[54])، وهذا صريح في الباب، وأيضاً فالوحي قد جاء في القرآن لا بمعنى النبوة قال تعالى: (وأوحى رَبُّكَ إلى النحل[55])، وقال: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين)[56]" [57].
تاسعا: الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده.
   يعتقد الأحمدية بأن الله تبارك وتعالى قد يبعث نبيا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون بأن المعنى الحقيقي لخاتم النبيين في قوله تعالى : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)[58]، هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرفع منزلة من كافة المخلوقات ومن الملائكة أيضا، مما يعني أن ختم النبوة والمعراج اسمان لشيء واحد...أي أن الخاتمية تشمل جميع كمالات النبوة، والفراسة جزء منها"[59].
   وفي موقع الجماعة الأحمدية على الانترنت يقولون في معنى "الخاتم":
   ((معنى الخاتم لغة: ومن المعلوم أن الفعل "ختم" في اللغة يعني أنهى وأغلق، كما يعني أيضا طبع؛ أي ترك طابعه في شيء أو أعطاه من طابعه أو أثّر فيه، أما "خاتَم" أو "خاتِم" في اللغة فتعني: ما يوضع في الإصبع للزينة؛ ما يستخدم للختم أو التصديق؛ أو ما يستعمل للختم أو الإغلاق.
   وإذا أضيف "خاتَم" أو "خاتِم" أو "خاتِمة" إلى جمع العقلاء على سبيل المدح فلا يكون معناه إلا الأفضل والأكمل الذي جاء بما لم يأتِ ولن يأتي أحد من قبله أو من بعده بمثله. كذلك تعني مَن جَمَع أفضل ما كان للسابقين من أعمال وآثار ومحاسن، ومن ثم صاغها في أزين صورة، ثم ترك أثره وطابعه فيمن جاء بعده، وبهذا يكون قد وصل الكمال فيما نُسب إليه بحيث لا يصل إلى مرتبته أحد ممن كان قبله أو ممن جاء بعده، وهنالك أمثلة يصعب حصرها لهذه الصيغة بهذا المعنى في كتب التراث والآثار.
   ونستطيع أن نرى في الأمثلة اللغوية أن صفة الخاتم قد أطلقت على شعراء وأولياء ومحققين وكتاب وغيرهم، وهذا لا يعني أن أيًّا من هذه الصفات أو الأعمال أو المراتب قد انتهت ولم يبق في الدنيا أحد يقوم بها أو يتبوءها.
معنى "خاتم النبيين" على ضوء اللغة وخصوصيته: 
   وبناء على ما سبق لا بد أن نفهم "خاتم النبيين" كما هي استعمالاتها في اللغة والآثار، وهكذا تكون "خاتم النبيين" تعني أفضلهم وأكملهم وهو الذي قد وصل إلى الكمال في النبوة بحيث لا يصل إلى مرتبته أحد ممن كان قبله أو ممن سيأتي بعده، وهو من جَمَع أفضل آثار الأنبياء السابقين ومن ثم صاغها في أزين صورة، ثم ترك أثره وطابعه فيمن جاء بعده))[60].
الــــرد:
   إن من أصول البحث العلمي عندما نريد ان نبحث عن معنى لفظ في اللغة العربية، أن نعتمد في بحثنا كتب اللغة والمعاجم العربية المعتمدة، وعندما نريد أن نبحث عن تفسير آية أن نرجع إلى كتب التفسير المعتمدة، ونضيف إلى ذلك الأدلة النقلية والعقلية في معنى خاتم النبيين من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وأقوال الصحابة y وأقوال العلماء، فأقول وبالله التوفيق:
(1) معنى الخاتم في معاجم اللغة العربية.
1-  يقول الفراهيدي المتوفى سنة 174هـ: "مستعملات ختم: ختم يختم ختما أي: طبع فهو خاتم، والخاتم: ما يوضع على الطينة، اسم مثل العالم، والختام: الطين الذي يختم به عليه كتاب، ويقال: هو الختم يعني: الطين الذي يختم به، وختام الوادي: أقصاه، ويقرأ: "خاتمة مسك" أي ختامه، يعني عاقبته ريح المسك، ويقال: بل أراد به خاتمه يعني ختامه المختوم، ويقال: بل الختام والخاتم ها هنا ماختم عليه، وخاتمة السورة: آخرها، وخاتم العمل وكل شئ: آخره"[61].
2-   يقول ابن فارس المتوفى سنة 395هـ: "الخاء والتاء والميم أصلٌ واحد، وهو بُلوغ آخِرِ الشّيء، يقال خَتَمْتُ العَمَل، وخَتم القارئ السُّورة، فأمَّا الخَتْم، وهو الطَّبع على الشَّيء، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنّ الطَّبْع على الشيءِ لا يكون إلاّ بعد بلوغ آخِرِه، في الأحراز، والخاتَم مشتقٌّ منه؛ لأنّ به يُختَم، والنبي صلى الله عليه وسلم خاتِمُ الأنبياء؛ لأنّه آخِرُهم، وخِتام كلِّ مشروبٍ: آخِرُه، قال الله تعالى: (خِتَامُهُ مِسْكٌ)[62]، أي إنّ آخرَ ما يجِدونه منه عند شُربهم إياه رائِحَةُ المسك"[63].
3-  يقول ابن منظور المتوفى سنة 711هـ: " قال أبو إسحق معنى ختم وطبع في اللغة واحد، وهو التغطية على الشيء والاستيثاق من أن لا يدخله شيء..... والختم والخاتم والخاتم والخاتام والخيتام من الحلي، كأنه أول وهلة ختم به فدخل بذلك في باب الطابع، ثم كثر استعماله لذلك، وإن أعد الخاتم لغير الطبع..... وختم فلان القرآن، إذا قرأه إلى آخره ابن سيده، ختم الشيء يختمه ختما بلغ آخره، وختم الله له بخير وخماتم كل شيء وخاتمته عاقبته وآخره، واختتمت الشيء نقيض افتتحته، وخاتمة السورة آخرها....وختام كل مشروب آخره، وفي التنزيل العزيز (خِتَامُهُ مِسْكٌ)[64]، أي آخره لأن آخر ما يجدونه رائحة المسك.....وختام الوادي أقصاه، وختام القوم وخاتمهم وخاتمهم آخرهم عن اللحياني، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، والخاتم والخاتم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وفي التنزيل العزيز (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)[65]، أي آخرهم"[66].
   "هذه هي المعاني اللغوية لفعل "الختم" واسم فاعله "خاتم" كما أوردها أعلام اللغة في مصنفاتهم عن العرب، وهي مع تعددها وتعدد ألفاظها المعبرة عنها والتي هي: الطبع على الشيء وإنهاؤه وتغطيته وآخر القوم وعاقبة الأمر، هي مع ذلك كله تتمشى مع دلالة قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} على أن النبوة قد طبع عليها فلا تفتح، وأنها قد انتهت وسدت بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنه آخر الأنبياء وشرعه آخر الشرائع وعاقبتها"[67].
(2) معنى  (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)في كتب التفسير.
1- يقول الطبري المتوفى سنة 310هـ في تفسيره للآية الكريمة: "ما كان أيها الناس محمد أبا زيد بن حارثة، ولا أبا أحد من رجالكم الذين لم يلده محمد؛ فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، الذي ختم النبوة فطبع عليها، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة، وكان الله بكل شيء من أعمالكم ومقالكم وغير ذلك ذا علم لا يخفى عليه شيء.... واختلفت القراء في قراءة قوله (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)فقرأ ذلك قراء الأمصار سوى الحسن وعاصم بكسر التاء من خاتم النبيين، بمعنى: أنه ختم النبيين، ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (وَلَكِنَّ نَبِيًّا خَتَمَ النَّبيِّينَ)فذلك دليل على صحة قراءة من قرأه بكسر التاء، بمعنى: أنه الذي ختم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وعليهم، وقرأ ذلك فيما يذكر الحسن وعاصم (خَاتَمَ النَّبِيِّينَ)بفتح التاء، بمعنى: أنه آخر النبيين، كما قرأ (مَخْتُومٌ خَاتَمَهُ مِسْكٌ)بمعنى: آخره مسك من قرأ ذلك كذلك"[68].
2- يقول الرازي المتوفى سنة 606هـ في كتابه "مفاتيح الغيب" عن قوله تعالى (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ): "وذلك لأن النبي الذي يكون بعده نبي إن ترك شيئاً من النصيحة والبيان يستدركه من يأتي بعده، وأما من لا نبي بعده يكون أشفق على أمته وأهدى لهم وأجدى، إذ هو كوالد لولده الذي ليس له غيره من أحد وقوله: (وَكَانَ الله بِكُلّ شَيْء عَلِيماً) يعني علمه بكل شيء دخل فيه أن لا نبي بعده، فعلم أن من الحكمة إكمال شرع محمد صلى الله عليه وسلم بتزوجه بزوجة دعيه تكميلاً للشرع"[69].
3- يقول القرطبي المتوفى سنة 671هـ في كتابه "الجامع لأحكام القرآن": "(وخاتم) قرأ عاصم وحده بفتح التاء، بمعنى أنهم به ختموا، فهو كالخاتم والطابع لهم، وقرا الجمهور بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم، أي جاء آخرهم، وقيل: الخاتم والخاتم لغتان، مثل طابع وطابع، ودانق ودانق، وطابق من اللحم وطابق، قال ابن عطية: هذه الألفاظ عند جماعة علماء الامة خلفا وسلفا متلقاة على العموم التام مقتضية نصا أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم. وما ذكره القاضي أبو الطيب في كتابه المسمى بالهداية: من تجويز الاحتمال في ألفاظ هذه الآية ضعيف. وما ذكره الغزالي في هذه الآية، وهذا المعنى في كتابه الذي سماه بالاقتصاد، إلحاد عندي، وتطرق خبيث إلى تشويش عقيدة المسلمين في ختم محمد صلى الله عليه وسلم النبوة، فالحذر الحذر منه! والله الهادي برحمته"[70].
4- وقال ابن كثير المتوفى سنة 774هـ: "فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فكل رسول نبي ولا ينعكس، بذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول اللــه  صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة y... إلى أن قال: فمن رحمة الله بالعباد إرسال محمد  صلى الله عليه وسلم، ثم من تشريفه لهم ختم الأنبياء والمرسلين به، وإكمال الدين الحنيف له، وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل"[71].
"فلو ادعى مدع أنه نبي فهو كاذب، والكذابون كثير، وهم على صنفين: الصنف الأول: من يدعي النبوة صراحة، فيتسمى بها، كمسيلمة والأسود العنسي.
الثاني: من ادعى مقاما كمقام النبوة، ولو سماه بمقام الولاية، أو غير ذلك، يزعم فيه أنه يتلقى وحيا كوحي الأنبياء، ولو لم يسمه وحيا، بل: إلهاما، وكشفا، وفراسة. وهو كاذب، إذ النبوة اسم ومقام، يتلقى فيه الوحي من الله تعالى، ولا يكون لأحد بعد النبيصلى الله عليه وسلم بإجماع الأمة.
فكل من ادعاه فقد افترى كذبا، سواء ادعى الاسم، أو ادعى الحقيقة والمضمون"[72].
5- يقول الآلوسي في تفسيره للقرآن الكريم المتوفى سنة 1270هـ: "إن قوله تعالى: {ولكن رَّسُولَ الله} استدراك من نفي كونه صلى الله عليه وسلم أبا أحد من رجالهم على وجه يقتضي حرمة المصاهرة ونحوها إلى إثبات كونه صلى الله عليه وسلم أباً لكل واحد من الأمة فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له صلى الله عليه وسلم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه الصلاة والسلام فإن كان رسول أب لأمته فيما يرجع إلى ذلك، وحاصله أنه استدراك من نفي الأبوة الحقيقية الشرعية التي يترتب عليها حرمة المصاهرة ونحوها إلى إثبات الأبوة المجازية اللغوية التي هي من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وتقتضي التوقير من جانبهم والشفقة من جانبه صلى الله عليه وسلم" .... وأما قوله سبحانه : {وَخَاتَمَ النبيين} فقد قيل إنه جيء به ليشير إلى كمال نصحه وشفقته صلى الله عليه وسلم فيفيد أن أبوته صلى الله عليه وسلم للأمة المشار إليها بقوله تعالى: {ولكن رَّسُولَ الله} أبوة كاملة فوق أبوة سائر الرسل عليهم السلام لأممهم؛ وذلك لأن الرسول الذي يكون بعده رسول ربما لا يبلغ في الشفقة غايتها وفي النصيحة نهايتها اتكالاً على من يأتي بعده كالوالد الحقيقي إذا علم أن لولده بعده من يقوم مقامه.....والخاتم اسم آلة لما يختم به كالطابع لما يطبع به فمعنى خاتم النبيين الذي ختم النبيون به ومآله آخر النبيين، وقال المبرد: {خاتم} فعل ماض على فاعل وهو في معنى ختم النبيين، فالنبيين منصوب على أنه مفعول به وليس بذاك، وقرأ الجمهور {الله وَخَاتم} بكسر التاء على أنه اسم فاعل أي الذي ختم النبيين، والمراد به آخرهم أيضاً، وفي حرف ابن مسعود ولكن نبياً ختم النبيين، والمراد بالنبي ما هو أعم من الرسول فيلزم من كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين كونه خاتم المرسلين والمراد بكونه صلى الله عليه وسلم خاتمهم انقطاع حدوث وصف النبوة في أحد من الثقلين بعد تحليه عليه الصلاة والسلام بها في هذه النشأة"[73].
   وأقوال المفسرين عموما متفقة على أن المراد من الآية هو ختم النبوة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء مبعثا، ولم ينقل عن أحد من أهل التفسير خلاف ذلك.
وقد تعرض أهل التفسير للقراءات الواردة في قوله "خاتم" من هذه الآية فذكروا أن فيها قراءتين[74]:
الأولى: قراءة الكسر "خاتِم".
وهي الأشهر عند أهل اللغة والتفسير الذين أجمعوا أن قراءة الكسر هي قراءة الجمهور وعامة قراء الأمصار[75]، وعلى هذه القراءة "وخاتم النبيين" يكون المعنى أنه: "ختم النبيين" لأنه ختم به النبيون فهو خاتمهم.
الثانية: قراءة الفتح "خاتَم".
وهي الأقل استعمالا يين القراء ولهذا فإن المفسرين لا يعزونها إلا إلى أفراد القراء كعاصم وابن عامر وغيرهما.
   فعلى هذه القراءة "وخاتم النبيين" يكون المعنى أي آخر النبيين مبعثا فبه انتهت النبوة، وبالرغم من ورود القرائتين في الآية إلا أن المفسرين لا يرون أن في ذلك تأثيرا على المعنى وهو انقطاع النبوة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
(3) الآيات الدالة ضمنًا على ختم النبوة.
    في القرآن الكريم آيات كثيرة دلت ضمنا على ختم النبوة والرسالة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الآيات: آيات عموم الرسالة وعالميتها، مثل: قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا)[76]، وقوله عز وجل: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)[77]، وقوله تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)[78]، حيث إن عموم الرسالة من الناحيتين الزمانية والمكانية يدل على كونها خاتمة الرسالات، لأن البشرية على هذا الحال لا تحتاج إلى دين جديد مادام هذا الدين قد خاطبهم جميعا على اختلاف أجناسهم وأماكنهم وأزمانهم.
   ومن الأدلة كذلك الإخبار بإكمال هذا الدين وإتمامه: قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً)[79]، فالآية تؤكد أن الأمة لم تعد تحتاج إلى نبي يكمل لها دينها أو يتم عليها نعمة ربها، لأن الله سبحانه وتعالى قد أكمله على يد رسولـه صلى الله عليه وسلم، ثم رضيه له ربها، لأن الله سبحانه وتعالى قد أكمله على يد رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم رضيه له ولأمته دينا يعبدون الله به إلى يوم القيامة[80].
   قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: "هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن..."[81].
(4) الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على ختم النبوة.
   إلى جانب ما ورد ني القرآن من أدلة على كون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ورسالته هي خاتمة الرسالات، فقد ورد في السنة كذلك أحاديث كثيرة أكدت هذا الأمر وبينته ونبهت عليه، وقد وردت هذه الأحاديث بعبارات متعددة متنوعة لكنها جميعا أكدت على مدلول واحد، هو انقطاع الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم وختم النبوة به، وقد بلغ بعض هذه الأحاديث حد التواتر، كما أنها في جملتها متواترة تواترا قطعيا، ونظرا لتنوع ألفاظ تلك الأحاديث واختلاف صورها في الدلالة على هذا المعنى وتأكيده، فإن من المناسب أن تعرض على النحوالآتي:
1-   الأحاديث التي ورد فيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ومنها:
أ‌-   عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: {أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ: َنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟...}، ثم ذكر صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وما يحدث فيه من استشفاع الناس بالأنبياء للحساب حتى يصلوا إليه صلى الله عليه وسلم، فذكر صلى الله عليه وسلم: {فَيَأْتُونِّي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَغَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ...}[82].
ب‌-  قال صلى الله عليه وسلم: {...وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِى بِالْمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِى الأَوْثَانَ، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِى أُمَّتِى كَذَّابُونَ ثَلاَثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى...}[83].
2-   الأحاديث التي ورد فيها ضربه صلى الله عليه وسلم الأمثال لختم النبوة ومنها:
أ‌-   عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {مَثَلِى وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا، وَيَقُولُونَ: لَوْلاَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ} قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {فَأَنَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ جِئْتُ فَخَتَمْتُ الأَنْبِيَاءَ}[84].
ب‌-  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: {إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ}[85].
 يقول ابن حجر معقبا على الحديث الشريف: "وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وفضل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين، وأن الله ختم به المرسلين، وأكمل به شرائع الدين"[86].
3-   الأحاديث التي ورد فيها تصريحه صلى الله عليه وسلم بانقطاع النبوة وأنه لا نبي بعده ومنها:
أ‌-   قال صلى الله عليه وسلم: {كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ، فَالأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ}[87].
ب‌- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍرضي الله عنه، فَقَالَ: {أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ...} [88].
ت‌- عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا رضي الله عنه، فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَالَ: أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي}[89].
ث‌- عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِىٍّ رضي الله عنه: {أَنْتَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى}[90].  
يقول النووي: " قال العلماء: وفي هذا الحديث دليل على أن عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم إذا نزل في آخر الزمان، نزل حكما من حكام هذه الأمة، يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ينزل نبيا"[91].
4-   الأحاديث التي ورد فيها تحذيره صلى الله عليه وسلم من المتنبئين بعده ومنها:
أ‌-   عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: {لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ...} [92].
   يقول ابن حجر معقبا على الحديث: "ثم كان أول من خرج منهم: المختار بن أبي عبيد الثقفي، غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، فأظهر محبة أهل البيت، ودعا الناس إلى طلب قتلة الحسين، فتبعهم فقتل كثيرا ممن باشر ذلك أو أعان عليه فأحبه الناس، ثم زين له الشيطان أن ادعى النبوة وزعم أن جبريل يأتيه، فروى أبو داود الطيالسي بإسناد صحيح عن رفاعة بن شداد قال: {كنت أبطن شيء بالمختار فدخلت عليه يوما فقال: دخلت وقد قام جبريل قبل من هذا الكرسي}... وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقا، فإنهم لا يحصون كثرة لكون غالبهم ينشأ لهم ذلك عن جنون أو سوداء، وإنما المراد من قامت له شوكة وبدت له شبهة كمن وصفنا، وقد أهلك الله تعالى من وقع له ذلك منهم وبقي منهم من يلحقه بأصحابه وآخرهم الدجال الأكبر"[93].
ب‌-  قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ}[94].
5-   دلالة بعض أسمائه صلى الله عليه وسلم على كونه خاتم الأنبياء.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ}[95].
   يقول ابن حجر معقبا على الحديث الشريف: "قوله: {لي خمسة أسماء} في رواية نافع بن جبير عند ابن سعد، أنه دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: أتحصي أسماء رسـول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير بن مطعم يعدها؟ قال: نعم، هي ست، فذكرالخمسة التي ذكرها محمد بن جبير وزاد الخاتم، لكن روى البيهقي في "الدلائل" من طريق ابن أبي حفصة عن الزهري في حديث محمد بن جبير بن مطعم: {وأنا العاقب} قال: يعني الخاتم"[96].
(5) ما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم في تأكيد عقيدة ختم النبوة.
لقد كان موقف الصحابة رضوان الله عليهم تجاه هذا الأمر متمثلا في الأمور الآتية:
1- روايتهم للأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن والتي بلغت حد التواتر على تنوع عبارات تلك الأحاديث واختلاف المناسبات التي قيلت فيها، وهذا مما يدل على اعتقادهم لهذا الأمر وحرصهم على إبلاغه لهذه الأمة، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه خالف هذا الأمر، ولو كانت هناك أدنى شبهة عن أحد منهم لنقلت لنا "وقد بلغ عدد الصحابة y الذين رووا أحاديث الختم سبعة وثلاثين صحابيا"[97].
2- إجماع الصحابة على قتال المتنبئين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد سير أبو بكر رضي الله عنه الجيوش والتي كان معظم جندها من الصحابة رضوان الله عليهم وذلك لقتال مسيلمة الكذاب، وطليحة الأسدي، اللذين ادعيا النبوة.
3- ما ورد من الأقوال المأثورة عنهم والتي تضمنت التأكيد على ختم النبوة وانقطاع الوحي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن تلك الأقوال: ما رُوي عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: {إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّـَهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ...} [98].
   يقول ابن حجر: "قوله: "وإن الوحي قد انقطع" أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد انقطاع أخبار الملك عن الله تعالى لبعض الآدميين بالأمر في اليقظة"[99].
(6) إجماع الأمة على أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء فلا نبي بعده.
   تلقت الأمة النصوص الواردة في الكتاب والسنة بشأن ختم النبوة بالقبول التام، فحصل بهذا إجماعها على كون النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فلا نبي ولا رسول بعده، ورسالته هي خاتمة الرسالات وآخرها، وقد نقل هذا الإجماع غير واحد من العلماء،  منهم:
1- قال ابن عطية المتوفى سنة 541هـ في معرض كلامه على آية الختم: "وهذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاة على العموم التام مقتضية نصا أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم"[100].
2- وقال القاضي عياض المتوفى سنة 544هـ:  "وكذلك من ادعى نبوة أحد مع نبينا صلى الله عليه وسلم، أو بعده كالعيسوية من اليهود القائلين بتخصيص رسالته إلى العرب، وكالخرمية القائلين بتواتر الرسل، وكأكثر الرافضة القائلين بمشاركة على رضي الله عنه في الرسالة للنبى صلى الله عليه وسلم وبعده، فكذلك كل إمام عند هؤلاء يقوم مقامه في النبوة والحجة، وكالبزيغية والبيانية منهم القائلين بنبوة بزيغ، وبيان وأشباه هؤلاء أو من ادعى النبوة لنفسه أو جوز اكتسابها، والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها، كالفلاسفة وغلاة المتصوفة، وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة، أو أنه يصعد إلى السماء ويدخل الجنة ويأكل من ثمارها ويعانق الحور العين، فهؤلاء كلهم كفار، مكذبون للنبى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبــر صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين لا نبى بعده، وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأنه أرسل كافة للناس، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره، وأن مفهومه المراد به دون تأويل ولا تخصيص، فلا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعا إجماعا وسمعا"[101].
3- قال الآلوسي المتوفى سنة 1270هـ: "وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، وصدعت به السنة، وأجمعت عليه الأمة، فيكفر مدعي خلافه ويقتل إن أصر"[102].
(7) أقوال العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم عن ابنه إبراهيم: "ولو عاش لكان صديقا نبيا".
   حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: {إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَلَوْ عَاشَ لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ، وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ}[103].
   يستدل جماعة الأحمدية بهذا الحديث الشريف على أن النبوة قائمة حتى بعد وفاة النبـــي صلى الله عليه وسلم، وبيان ذلك: "هي أن إبراهيم رضي الله عنه توفي في بداية عام 9هـ، بينما نزلت آية {وخاتم النبيين} عام 5هـ، أي بحوالي أربعة أعوام قبل وفاة إبراهيم رضي الله عنه، ولا يصعب على أي شخص يملك قليلا من العقل والفهم أن يستنتج أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفهم من آية {وخاتم النبيين} أن النبوة قد انقطعت بصورة دائمة وبكل أنواعها، لما قال: ""ولو عاش لكان صديقا نبيا"..."[104].
الـــــرد.
1- التعليق على إسناد الحديث: يقول محمد فؤاد عبد الباقي معلقا على إسناد الحديث: "في إسناده إبراهيم بن عثمان أبو شيبة قاضي واسط قال فيه البخاري: سكتوا عنه[105]، وقال ابن المبارك: ارم به، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث[106]...."[107].
2- ورد الحديث الشريف في صحيح البخاري بلفظ آخر: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي أَوْفَى: رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: {مَاتَ صَغِيرًا، وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ، وَلَكِنْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ}، يقول ابن حجر معلقا على الحديث: "قوله: {رأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: مات صغيرا} تضمن كلامه جواب السؤال بالإشارة إليه وصرح بالزيادة عليه كأنه قال: نعم رأيته لكن مات صغيرا، ثم ذكر السبب في ذلك، وقد رواه إبراهيم بن حميد عن إسماعيل عن أبي خالد بلفظ: {قال نعم كان أشبه الناس به، مات وهو صغير}... قوله: {ولو قضي أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي عاش ابنه، ولكن لا نبي بعده} هكذا جزم به عبد الله بن أبي أوفى، ومثل هذا لا يقال بالرأي، وقد توارد عليه جماعة: فأخرج ابن ماجه من حديث ابن عباس قال: {لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن له مرضعا في الجنة، لو عاش لكان صديقا نبيا، ولأعتقت أخواله القبط}، وروى أحمد وابن منده من طريق السدي: {سألت أنسا كم بلغ إبراهيم؟ قال: كان قد ملأ المهد، ولو بقي لكان نبيا، ولكن لم يكن ليبقى، لأن نبيكم آخر الأنبياء}.
3- يقول السندي في حاشيته على سنن ابن ماجة ومعلقا على الحديث الشريف: "قوله {ولو قضي} على بناء المجهول وهذا يحتمل أن يكون بيانا لسبب موته، ومداره على أن إبراهيم قد علق نبوته بعيشه، وهذا مبني على أنه علم ذلك من جهته صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ببعض الطرق الضعيفة، وكذلك جاء مثله عن الصحابة، ومعنى الحديث على هذا: أنه لو قضى النبوة لأحد بعده صلى الله عليه وسلم لأمكن حياة إبراهيم، لكن لما لم يقض لأحد ذلك، وقد قدر لإبراهيم أنه يكون نبيا على تقدير حياته لزم أن لا يعيش"[108].
4-  يقول النووي: "وأما ما روى عن بعض المتقدمين: لو عاش إبراهيم لكان نبيًا، فباطل وجسارة على الكلام فى المغيبات، ومجازفة، وهجوم على عظيم من الزلات، والله المستعان"[109].  
(8): أقوال العلماء في أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء فلا نبي بعد وفاته.
1- يقول الإمام النووي معقبا على قَوْله صلى الله عليه وسلم: (فَيَبْعَث اللَّه عِيسَى اِبْن مَرْيَم) أَيْ يُنْزِلهُ مِنْ السَّمَاء حَاكِمًا بِشَرْعِنا، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان هَذَا فِي كِتَاب الإِيمَان، قَالَ الْقَاضِي عياض رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى: نُزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلام وَقَتْله الدَّجَّال حَقّ، وَصَحِيح عِنْد أَهْل السُّنَّة، لِلأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الْعَقْل وَلا فِي الشَّرْع مَا يُبْطِلهُ، فَوَجَبَ إِثْبَاته، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْض الْمُعْتَزِلَة وَالْجَهْمِيَّة وَمَنْ وَافَقَهُمْ، وَزَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيث مَرْدُودَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَخَاتَم النَّبِيِّينَ)، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: {لا نَبِيّ بَعْدِي}، وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لا نَبِيّ بَعْد نَبِيّنَا صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ شَرِيعَته مُؤَبَّدَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لا تُنْسَخ، وَهَذَا اِسْتِدْلال فَاسِد؛ لأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلام أَنَّهُ يُنْزِل نَبِيًّا بِشَرْعٍ يَنْسَخ شَرَعْنَا، وَلا فِي هَذِهِ الأَحَادِيث وَلا فِي غَيْرهَا شَيْء مِنْ هَذَا، بَلْ صَحَّتْ هَذِهِ الأَحَادِيث هُنَا، وَمَا سَبَقَ فِي كِتَاب الإِيمَان وَغَيْرهَا أَنَّهُ يَنْزِل حَكَمًا مُقْسِطًا بِحُكْمِ شَرْعنَا، وَيُحْيِي مِنْ أُمُور شَرْعنَا مَا هَجَرَهُ النَّاس"[110].
2- يقول الشيخ التويجري: "ويقال أيضا: إن المهدي المنتظر إنما يخرج في آخر الزمان قرب خروج الدجال وعند انتشار الفوضى والفتن، ثم ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام فيصلي خلف المهدي أول ما ينزل كما جاء ذلك في حديث جابر الذي تقدم ذكره، ثم يذهب إلى الدجال فيقتله، وحينئذ يكون قيام الساعة قريبا جدا، وعلى هذا فمن ادَّعى من المفتونين أنه المهدي المنتظر، ولم يخرج الدجال في زمانه ، فإنه دجال كاذب، وكذلك من ادَّعى أنه المسيح بن مريم ولم يكن الدجال قد خرج قبله فإنه دجال كاذب، وللمسيح بن مريم علامتان لا تكونان لغيره من الناس:إحداهما: أنه يقتل الدجال كما تواترت بذلك الأحاديث، والثانية: أنه لا يحل لكافر يجد ريح نَفَسه إلا مات، ونَفَسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، كما جاء ذلك في حديث النواس بن سمعان الطويل في صحيح مسلم، يقول:صلى الله عليه وسلم {...فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ...}، وفي هاتين العلامتين قطع لأطماع كل دجال يدَّعي أنه المسيح بن مريم"[111].
3- يقول الشيخ أبو الأعلى المودودي: "ونحن إذا تتبعناه أي (القرآن) بغية أن نعرف الأسباب التي لأجلها ظهرت الحاجة إلى إرسال نبي في أمة من أمم الأرض؛ علمنا أن هذه الأسباب أربعة:
(1)    كانت هذه الأمة ما جاءها من الله نبي من قبل، ولا كان لتعاليم نبي مبعوث في أمة غيرها أن تصل إليها .
(2)    كان قد أرسل إليها نبي من قبل، ولكن كان تعليمه قد انمحى أو لعبت به يد النسيان أو التحريف حتى لم يعد بإمكان الناس أن يتبعوه اتباعا كاملا صحيحا.
(3)    كان قد أرسل إليها نبي من قبل، ولكن تعاليمه ما كانت شاملة لمن يأتي بعده وافية لمتطلبات عصرهم، فألحت الحاجة إلى المزيد من الأنبياء لإكمال الدين.
(4)            كان قد أرسل إليها نبي، ولكن كانت الحاجة تقتضي أن يرسل معه نبي آخر لتصديقه وتأييده.
    وكل سبب من هذه الأسباب الأربعة قد زال بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فلا حاجة للأمة الإسلامية ولا لأية أمة أخرى في العالم إلى أن يرسل إليها نبي جديد بعد محمـد صلى الله عليه وسلم، وقد تولى القرآن بنفسه بيان أن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ولهداية الناس عامة؛ قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
   وأيضا؛ مما يدل عليه تاريخ الحضارة في الدنيا أن الظروف في العالم ما زالت منذ بعثتـه  صلى الله عليه وسلمولا تزال مهيأة بحيث من الممكن أن تصل دعوته إلى كل صقع من أصقاع العالم، وإلى كل أمة من أممه؛ فلا حاجة بعد ذلك إلى نبي جديد إلى أمة من أمم الدنيا أو صقع من أصقاعها؛ فبذلك قد زال السبب الأول.
   ومما يشهد به القرآن كذلك وتؤيده عليه ذخيرة كتب الحديث والسيرة أن التعليم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم  لا يزال حيا محفوظا على صورته الحقيقية ولم تلعب به يد النسيان ولا التحريف والتبديل، أما الكتاب الذي جاء به؛ فما وقع التحريف ولا النقص ولا الزيادة في أي حرف من أحرفه، ولا من الممكن أن يقع إلى يوم القيامة، وأما الهداية التي أعطاها للناس بأقواله وأفعاله؛ فإننا نجد آثارها حتى اليوم حية مصونة، كأننا أمام شخصه صلى الله عليه وسلم وفي زمانه؛ فبذلك قد زال السبب الثاني، ثم إن القرآن ليصرح كذلك بأن الله تعالى قد أكمل دينه بواسطـة صلى الله عليه وسلم؛ فبذلك قد زال السبب الثالث أيضا، ثم إن الحاجة لو كانت تقتضي إرسال نبي مع النبي محمد  صلى الله عليه وسلم لتأييده وتصديقه؛ لأرسل في زمانه صلى الله عليه وسلم؛ فبذلك قد زال السبب الرابع أيضا . . . فأي سبب خاص من بعد زوال هذه الأسباب الأربعة ..." [112].
عاشرا: فتوى دائرة الإفتاء العام للمملكة الأردنية الهاشمية.
   "الطائفة الأحمدية هي التي تسمى أيضا بـ (القاديانية): إحدى الفرق الباطنية الضالة التي نشأت في الهند، وأحدثت بعض العقائد الكفرية، وجمعت عليها جميع المنتسبين إليها، مؤسسها يسمى مرزا غلام أحمد القادياني (1839..... 1908 م) نسبة إلى قاديان إحدى قرى البنجاب في الهند، ومن العقائد الكفرية التي تؤمن بها هذه الطائفة، دعوى نبوة مرزا غلام القادياني، والقول بتناسخ الأرواح، وإنكار بعض فرائض الإسلام، وأشياء أخرى كثيرة.
ولذلك صدرت قرارات المجامع الفقهية الإسلامية المعروفة بالحكم بكفر هذه الطائفة، وعدم اعتبارها من فرق المسلمين، ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: (4) الوارد في " مجلة المجمع " (1/109) ما يلي:
"ما ادعاه مرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكارٌ صريح لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتاً قطعياً يقينيا من ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده، وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام" انتهى.
كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، رقم (3) ما يلي:
" قرر المجلس بالإجماع: اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضًا بالأحمدية، عقيدة خارجة عن الإسلام خروجًا كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وأنَّ تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات، وعلماء، وكتابًا ومفكرين، ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم " انتهى.
   ومع ذلك ننبه هنا إلى أن الحكم بكفر معتقدات هذه الطائفة لا يلزم منه تكفير جميع الأشخاص المنتسبين إلى الإسلام منهم، فتكفير الأشخاص حكم قضائي ينظر فيه القاضي، ونحن إنما نتكلم على العقائد والأفكار لا على الأعيان والأفراد، والله أعلم"[113].















 [1] بتصرف من موقع على الانترنت للباحث: فؤاد العطار: http://www.eltwhed.com/vb/archive/
[2]  تفسير القرطبي، ج 4 ص 99، 101. تفسير الفخر الرازي، ج 4 ص 226، 227. تفسير الطبري، ج 6 ص 455، 456.
[3]  سورة آل عمران: من الآية 55.
 [4] صحيح مسلم، كتاب الفتن، باب خروج الدجال، حديث رقم (2940)
[5]  شرح صحيح مسلم للنووي ج 9 ص 331.
[6]  صحيح مسلم، كتاب الفتن، باب الآيات التي تكون قبل الساعة، حديث رقم (2901).
[7] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم، حديث رقم (242).
[8]  صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم، حديث رقم (242).
[9]  صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ {وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا...}، حديث رقم (3438).
[10]   صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ {وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا...}، حديث رقم (3441).
[11]  شرح صحيح البخاري لابن حجر، ج 6 ص 484، 485.
[12]  شرح صحيح مسلم للنووي، ج 1 ص 296.
[13]   رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد في مسنده واللفظ للبخاري: كتاب بدء الخلق ، باب إذا قال أحدكم: آمين، حديث رقم (3239).
[14]   صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ {وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا...}، حديث رقم (3444).
[15]  الموطأ للإمام مالك، كتاب صفة النبي، باب صفة عيسى ابن مريم والدجال، حديث رقم (3405).
[16]  رواه الدار قطني في سننه، كتاب العيدين، باب صفة صلاة الكسوف والخسوف، حديث رقم (1795).
[17]  الضعفاء والمتروكين للنسائي، ص 80 .
[18]  الضعفاء للأصبهاني،  ص 118.
[19]  معرفة علوم الحديث للحاكم، ص 92.
 [20]  الثقات لابن حبان، ج 4 ص 365.
[21]  الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي التميمي، ج 6 ص 239.
 [22] رواه الدار قطني في سننه، كتاب الصلاة، باب ذكر الصلاة على r، حديث رقم (1341).
[23]  تاريخ الإسلام للذهبي،ج 2 ص 413.
[24]  تقريب التهذيب لابن حجر، ج 1 ص154.
[25]  ملاحظة: لمعرفة وقوع حدث الخسوف والكسوف، ما عليك إلا أن تضع التاريخ السنوي في المربع المخصص أسفل الموقع من اليسار، على الموقع الآتي: http://astro.ukho.gov.uk/eclbin/query.cgi.
 [26]  للتوثيق: رجاء راجع روابط الكسوف والخسوف من ناسا علي الروابط الآتية: ttps://www.rapidshare.com/#!myrs_filemanager،    https://rapidshare.com/files/3503903028/Solar.html
ولمعرفة وقوع حدث الخسوف والكسوف، ما عليك إلا أن تضع التاريخ السنوي في المربع المخصص أسفل الموقع من اليسار، على الموقع الآتي: http://astro.ukho.gov.uk/eclbin/query.cgi
[27]  الأعلام للزركلي، ج 3 ص192.

[28]  تاريخ ابن خلدون، ج 6 ص 207.
[29]  تاريخ ابن خلدون، ج 6 ص 208.
[30]  تاريخ ابن خلدون، ج 6 ص 208.
[31]  الأعلام للزركلي، ج 6 ص 228، 229.
[32]  الأعلام للزركلي، ج 6 ص229.
[33]  رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، حديث رقم (4039).
[34]  تاريخ دمشق، ج 47 ص 516.
[35]  حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني، ج 9 ص 161.
[36]  التذكرة للقرطبي، ج 3 ص 616.
[37]  سير أعلام النبلاء للذهبي، ج 10 ص 67، ج 12 ص 351.
[38]  شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، ج 6 ص 494.
[39]  التذكرة للقرطبي، ج 3 ص 723.
[40]  سير أعلام النبلاء للذهبي، ج 10 ص 67، ج 12 ص 351.
[41]  التذكرة للقرطبي، ج 4 ص 173.
[42]   المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزية، ص 148= 151.
[43] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم، حديث رقم (242).
[44]  شرح صحيح مسلم للنووي، ج 1 ص281 .
[45]  كتاب روحاني خزائن ج 19 ص 50.
[46]  كتاب روحاني خزائن ج  22ص 53.
[47]  سورة فصلت: الآية 30.
[48]  ماذا تنقمون منا، هاني طاهر، ص 32.
[49]  تفسير القرطبي، ج 15 ص 358، واللفظ له، تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي، ج 13 ص 391. تفسير الطبري، ج 21 ص 466.
[50]  سورة القصص: من الاية 7.
[51]  سورة المائدة: الآية 111.
[52]  ماذا تنقمون منا، هاني طاهر، ص 32.
[53]  تفسير القرطبي، ج 13 ص 250.
[54]  سورة الأنبياء: من الآية 7.
[55]  سورة النحل: من الآية 68.
[56]  سورة المائدة: من الآية 111.
[57]  تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي، ج 10 ص 403.
[58]  سورة الأحزاب: الآية 40.
[59]   خاتم الانبيين "المفهوم الحقيقي"، ميرزا طاهر أحمد، ص 78.
[60]  من موقع الجماعة الاحمدية:  http://www.islamahmadiyya.net/
[61]  كتاب العين للفراهيدي، (مادة ختم)، ج 4 ص 241242.
[62]  سورة المطففين: الاية 26.
[63]  معجم مقاييس اللغة لابن فارس، (مادة ختم)،  ج 2 ص 245.
[64]  سورة المطففين: الاية 26.
[65]  سورة الأحزاب: الآية 40.
[66]  لسان العرب لابن منظور، (مادة ختم)، ج 12 ص 163.
[67]  عقيدة ختم النبوة للدكتور أحمد بن سعد الغامدي، ص 13.
[68]  جامع البيان للطبري، ج 20 ص 278279.
[69]  مفاتيح الغيب للرازي، ج 12 ص 375.
[70]  الجامع لأحكام القرآن للفرطبي، ج 14 ص196، 197.
[71]  تفسير القران العظيم لابن كثير، ج3 ص 494.
[72]  موسوعة الدفاع عن الرسول r، ج4 ص 107.
[73]  روح المعاني للآلوسي، ج 16 ص 139، 142.
[74]  موسوعة الدفاع عن الرسول r، ج4 ص 225.
[75]  تفسير الطبري (22/ 16)، وتفسير البغوي (6/ 565)، وتفسير القرطبي (14/ 196).
[76]  سورة الأعراف: من الآية (158).
[77]  سورة الفرقان: الآية (1).
[78]  سورة سبأ: الآية (28).
[79]  سورة المائدة، من الآية (3).
[80]  عقيدة ختم النبوة للدكتور أحمد بن سعد الغامدي ، ص 27، 28.
[81]  تفسير القران العظيم لابن كثير، ج 2 ص 12.
[82]  رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أدنى اهل الجنة منزلة فيها، حديث رقم (194).
[83]  رواه أبو داوود في سننه بإساد صحيح، كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الملاحم ودلائلها، حديث رقم (4252).
[84]  رواه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه  r خاتم النبيين، حديث رقم (2287).
[85]  رواه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب خاتم النبيينr، حديث رقم (3535).
[86]  شرح صحيح البخاري لابن حجر، ج 6 ص 559.
[87]  رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب الأمر بالوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول ، حديث رقم (1842).
[88]  رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القران في الركوع والسجود ، حديث رقم (479).
[89]  رواه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة تبوك، حديث رقم (1616).
[90]  رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب –رضي الله عنه، حديث رقم (479).
[91]  شرح صحيح مسلم للنووي، ج 8 ص 145.
[92]  رواه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب خروج النار، حديث رقم (7121).
[93]  شرح صحيح البخاري لابن حجر، ج 6 ص 617.
[94]  رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، حديث رقم (1822).
[95]  رواه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب جاء في أسماء الرسول r، حديث رقم (1616).
[96]  شرح صحيح البخاري لابن حجر، ج 6 ص 556.
[97]  عقيدة ختم النبوة للدكتور أحمد بن سعد الغامدي، ص 55.
[98]  رواه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب الشهداء العدول، حديث رقم (2641).
[99]  شرح صحيح البخاري لابن حجر، ج 5 ص 252.
[100]  الجامع لأحكام القرآن للفرطبي، ج 14 ص196، 197.
[101]  الشفا بتعريف حقوق المصطفى r، للقاضي عياض بن موسى السبتي، ج 2 ص285، 286.
[102]  روح المعاني للآلوسي، ج 22 ص 41.
[103]  رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (1511).
[104]  خاتم النبيين "المفهوم الحقيقي" لميرزا طاهر أحمد، ص 41.
[105]  الضعفاء الصغير للبخاري، ص 17.
[106]  الضعفاء والمتروكين للنسائي، ص 147.
[107]  سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد عبد الفؤاد عبد الباقي، ج 1 ص 484.
[108]  حاشية السندي على سنن ابن ماجة، ج 3 ص 391 .
[109]  تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ج 1 ص 130.
[110]  شرح صحيح مسلم للنووي ج 9 ص 331.
[111]  إقامة البرهان في الرد على من أنكرخروج المهدي والدجال ونزول المسيح في آخر الزمان، للشيخ حمود بن عبدالله التويجري، ص 16.
[112]  من موقع على الانترنت:  http://aleman-lidfa-aledman.net/belief/ppc31.htm
 [113]  من موقع دائرة الإفتاء العام : http://aliftaa.jo/index.php/ar/fatwa/show/id/341/search/
اقراء المزيد ... Résuméabuiyad
جميع الحقوق محفوضة@2015 : د.حسن بن جازي الحويطات