(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

الثلاثاء، يونيو 07، 2016

قطع النافلة لادراك الجماعة.


س: ما حكم الصلاة عند قيام الجماعة، وإذا كان في صلاة نفل قبل أن تقام الجماعة ثم أقيمت فهل له أن يقطعها؟
جاء في كتاب "المدونة":
وقال مالك في الرجل يفتتح الصلاة النافلة فتقام عليه الصلاة المكتوبة قبل أن يركع هو


 شيئا, قال: إن كان ممن يخف عليه الركعتان, مثل الرجل الخفيف يقدر أن يقرأ فيهما بأم القرآن وحدها في كل ركعة ويدرك الإمام, رأيت أن يفعل وإن كان رجلا ثقيلا لا يستطيع أن يخفف رأيت أن يقطع بسلام ويدخل في الصلاة[1].
وفي كتاب "منح الجليل":
يحرم ابتداء الصلاة فرضا كانت أو نفلا من فذ أو جماعة بعد الشروع في الإقامة للراتب، لقوله صلى الله عليه وسلم: {إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ} رواه مسلم.
وإن أقيمت الصلاة للراتب والشخص المكلف في صلاة نافلة أو فريضة هي المقامة أو غيرها بمحل الراتب قطع المصلي صلاته التي هو فيها ودخل مع الراتب وجوبا إن خشي (أي تحقق أو ظن)  فوات ركعة من صلاة الراتب بإتمام ما هو فيها وإلا (أي وإن لم يخش فوات ركعة بإتمام صلاته بأن تحقق أو ظن إدراكه في الأولى عقب إتمام ما هو فيه أو شك فيه) أتم النافلة التي هو فيها[2].
وفي كتاب "الموسوعة الفقهية الكويتية":
من دخل المسجد, وقد أخذ المؤذن في إقامة الصلاة فلا يجوز له الانشغال عنها بنافلة, سواء أخشي فوات الركعة الأولى أم لم يخش فواتها; لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ} رواه مسلم، ولأن ما يفوته مع الإمام أفضل مما يأتي به, فلا يشتغل به, وقد روت  السيدة عائشة -رضي الله تعالى عنها- {أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين أقيمت الصلاة, فرأى ناسا يصلون, فقال: أصلاتان معا؟}[3]، وهذا عند المالكية والشافعية والحنابلة، وهو مذهب الحنفية بالنسبة لغير سنة الفجر.
وقال الحنفية في سنة الفجر: إذا خاف فوت ركعتي الفجر لاشتغاله بسنتها تركها; لكون الجماعة أكمل, فلا يشرع فيها. وإذا رجا إدراك ركعة مع الإمام فلا يترك سنة الفجر, بل يصليها, وذلك في ظاهر المذهب, وقيل: إذا رجا إدراك التشهد مع الإمام فإنه يصلي السنة خارج المسجد عند بابه إن وجد مكانا, فإن لم يجد مكانا تركها ولا يصليها داخل المسجد; لأن التنفل في المسجد عند اشتغال الإمام بالفريضة مكروه. وروي عن ابن مسعود: أنه دخل والإمام في صلاة الصبح فركع ركعتي الفجر.
وأما من كان يصلي النافلة, ثم أقيمت صلاة الجماعة:
فقد قال الشافعية والحنابلة: إن لم يخش فوات الجماعة بسلام الإمام فإنه يتم النافلة, ولا يقطعها; لقوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} ثم يدخل في الجماعة.
وقال المالكية: إن لم يخش فوات ركعة بإتمام النافلة بأن تحقق أو ظن أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى عقب إتمام ما هو فيه أتمها, ثم دخل مع الجماعة. أما إن خشي فوات الجماعة - كما يقول الشافعية والحنابلة -أو خشي فوات ركعة- كما يقول المالكية - فإنه يقطع النافلة وجوبا عند المالكية, وندبا في غير الجمعة عند الشافعية, ووجوبا في الجمعة (أي إن كانت التي يصليها الإمام هي الجمعة), وعند الحنابلة روايتان حكاهما ابن قدامة, إحداهما: يتم النافلة, والثانية: يقطعها; لأن ما يدركه من الجماعة أعظم أجرا وأكثر ثوابا مما يفوته بقطع النافلة; لأن  صلاة الجماعة تزيد على صلاة الرجل وحده سبعا وعشرين درجة.
أما الحنفية: فلم يقيدوا القطع أو الإتمام بإدراك الجماعة, أو عدم إدراكها; لأن الشروع في النافلة عندهم يجعلها واجبة, ولذلك يقولون: الشارع في نفل لا يقطع مطلقا إذا أقيمت الجماعة وهو في صلاة النافلة, بل يتمه ركعتين, وإذا كان في سنة الظهر, أو سنة الجمعة, إذا أقيمت الظهر, أو خطب الإمام, فإنه يتمها أربعا على القول الراجح; لأنها صلاة واحدة. ونقل ابن عابدين عن الكمال في فتح القدير ما نصه: وقيل: يقطع على رأس الركعتين في سنة الظهر والجمعة, وهو الراجح; لأنه يتمكن من قضائها بعد الفرض. وهذا حيث لم يقم إلى الركعة الثالثة. أما إن قام إليها وقيدها بسجدة ففي رواية النوادر يضيف إليها رابعة ويسلم, وإن لم يقيدها بسجدة فقيل: يتمها أربعا, ويخفف القراءة. وقيل: يعود إلى القعدة ويسلم, وهذا أشبه, قال في شرح المنية: والأوجه أن يتمها[4].







[1] الامام مالك، المدونة، ج 1 ص 188.
[2] بتصرف يسير انظر: عليش، منح الجليل، ج 1 ص 356- 357.
[3] روى الترمذي بإسناد صحيح عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ، ثُمَّ انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَنِي أُصَلِّي، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا قَيْسُ، أَصَلَاتَانِ مَعًا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، قَالَ: «فَلَا إِذَنْ».
[4] الموسوعة الفقهية الكويتية، ج 27 ص 178 – 179.

التعليقات
0 التعليقات
جميع الحقوق محفوضة@2015 : د.حسن بن جازي الحويطات