يُسْتَحَبُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ وَقْتِ الْإِقَامَةِ, وَجَاءَ فِي فَضِيلَةِ إدْرَاكِهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ عَنْ السَّلَفِ مِنْهَا هَذَا الْمَذْكُورُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ; وَأَشْيَاءُ عَنْ غَيْرِهِ; وَيُحْتَجُّ لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم {إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمَنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ الْفَاءَ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لِلتَّعْقِيبِ, فَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِتَعْقِيبِ تَكْبِيرَتِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ, وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ فَضِيلَةُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
(أَصَحُّهَا): بِأَنْ يَحْضُرَ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ, وَيَشْتَغِلَ عَقِبهَا بِعَقْدِ صَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ وَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ, فَإِنْ أَخَّرَ لَمْ يُدْرِكْهَا.
(وَالثَّانِي): يُدْرِكُهَا مَا لَمْ يَشْرَعْ الْإِمَامُ فِي الْفَاتِحَةِ فَقَطْ.
(وَالثَّالِثُ): بِأَنْ يُدْرِكَ الرُّكُوعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى.
(وَالرَّابِعُ): بِأَنْ يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ الْقِيَامِ.
(وَالْخَامِسُ): إنْ شَغْلَهُ أَمْرٌ دُنْيَوِيٌّ لَمْ يُدْرِكْ بِالرُّكُوعِ, وَإِنْ مَنَعَهُ عُذْرٌ أَوْ سَبَبٌ لِلصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ أَدْرَكَ بِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ : هُمَا فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ, فَأَمَّا مَنْ حَضَرَ فَقَدْ فَاتَهُ فَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ, وَإِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ[1].